للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

: تريدون شيئًا أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجينا من النار؟ فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئًا أحب إليهم من النظر إلى ربهم" (١) أخرجه مسلم.

ولنختم ذلك بحكايات لائقة به

الأولى: عن بعض الصالحين أنه عبد اللَّه أربعين سنة، فلما كان في بعض الليالي أخذته دالة على اللَّه -تعالى- فقال: إلهي، أرني ما أعددت لي في الجنة، وما أعددت لي من الحور الحسان، فما استتم الكلام حتى انشق المحراب، وخرجت منه حورية لو خرجت إلى الدنيا لفتنتها، فقال لها: إنسية أنت؟!! فأنشأت تقول:

شكوت إلى المولى وقد علم الشكوى … وأعطاك ما ترجو وقد كشف البلوى

وأرسلني إنسًا إليك وإنني … أناجيك طول الليل لو تسمع الشكوى

فقال: يا جارية لمن أنت؟ فقالت: أنا لك، فقال: كم لي مثلك حوراء؟ قالت: مائة حوراء، ولكل حوراء مائة خادمة، ولكل خادمة مائة وصيف، ولكل وصيف مائة قهرمانة، ففرح وقال: يا حوراء، هل أعطي أحد أكثر مني؟ قالت: يا مسكين عطاؤك عطاء البطالين الذين يقولون: أستغفر اللَّه، فيغفر لهم، ثم يستغفرون فيغفر لهم (٢).

ثم أنشأت تقول:

وله خصائص مصطفون لحبه … اختارهم في سالف الأزمان


(١) أخرجه مسلم في صحيحه [٢٩٧ - (١٨١)] كتاب الإيمان، [٨٠] باب إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة ربهم والحاكم في المستدرك [١/ ٨٢]، وابن حبان في صحيحه [٢٦٤٧ - الموارد]، والسيوطي في الدر المنثور [٣/ ٢٥٧]، وأبو نعيم في حلية الأولياء [٥/ ١٣٢]، والتبريزي في مشكاة المصابيح [٦٥٦٥].
قال النووي: اعلم أن مذهب أهل السنة بأجمعهم أن رؤية اللَّه -تعالى- ممكنة غير مستحيلة عقلا، وأجمعوا أيضًا على وقوعها في الآخرة، وأن المؤمنين يرون اللَّه -تعالى- دون الكافرين، وزعمت طائفة من أهل البدع المعتزلة والخوارج وبعض المرجئة أن اللَّه -تعالى- لا يراه أحد من خلقه، وأن رؤيته مستحيلة عقلًا. وهذا الذي قالوه خطأ صريح وجهل قبيح. النووي في شرح مسلم [٣/ ١٤] طبعة دار الكتب العلمية.
(٢) روى مسلم في صحيحه [٢٩ - (٢٧٥٨)] كتاب التوبة، [٥] باب قبول التوبة من الذنوب وإن تكررت الذنوب والتوبة، عن أبي هريرة، عن النبي فيما يحكي عن ربه ﷿ قال: "أذنب عبد ذنبًا فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال : أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي. . . " الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>