نشرت لهم أعلام حب حبيبهم … فتتابعوا وتناهموا الأعلاما
فيا حسنهم في ظل عرش مليكهم … كل يقود من النجيب زمانًا
حتى إذا صاروا بحضرة قدسه … كشف المليك حجابه إكرامًا
فهم الملوك العارفون بربهم … والدائبون ببابه خدَّامًا
من ذاك ياقوت وزاهي جوهر … يلقون نورًا يسكنون خيامًا
ومع الحسان الحور عين لو بدت … ليلًا (١) أنارت بالجمال ظلامًا
ولعطرت كل الوجود وزخرفت … ولمات كلٌّ بالجمال غراما
يا حسنها بين الحواري عندما … تمشي لتلقى قادمين كراما
يُجزون غرفات بها فوق المنا … وتحية يلقونها وسلامًا
حكاية ثانية: عن بعض عباد عبادان قال: ملح الماء عندنا نيفًا وستين سنة، وكان عندنا رجل من أهل الساحل له قصر، ولم يكن بقي في الصهاريج شيء، وحضرت المغرب، فهبطت لأتوضأ من ذلك البئر وذلك في شهر رمضان في حر شديد، فإذا به يقول: يا سيدي أرضيت عني حتى أثني عليك؟ أرضيت عني حتى أسألك سيدي غسالة الحمام لمن عصاك كثيرا؟ سيدي لولا أني أخاف غضبك لم أذق الماء، ثم أخذ بكفه وشرب شرابا صالحًا، فتعجبت من صبره على ملوحته، ثم أخذت من الموضحع الذي أخذ منه، فإذا هو مثل السكر، فشربت حتى رويت، قال: وأخبرني أنه رأى في المنام كأن قائلًا يقول: قد فرغنا من بناء دارك، فلو رأيتها قرت عيناك، وقد أمرنا بتجديدها والفراغ منها إلى سبعة أيام، واسمها دار السرور، فأبشر بخير، فلما كان السابع، وهو يوم الجمعة بكَّر للوضوء، فنزل في النهر فزلق فغرق، فأخرجناه بعد الصلاة ودفناه، فرأيته في المنام بعد ثلاثة أيام وعليه حلل خضر، فسألته عن حاله، فقال: أنزلني الكريم في دار السرور، فماذا أعد لي فيها!! فقلت له: صفه لي، فقال: هيهات، يعجز الواصفون عن وصف ما فيها، فليت عيالي يعلمن أنه قد هيئ لهم منازل معي، فيها ما اشتهت أنفسهم، نعم وإخواني وأنت منهم.
(١) روى البخاري في صحيحه [٦٥٦٨] كتاب الرقاق، [٥١] باب صفة الجنة والنار، عن أنس، وفي آخره "ولو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأت ما بينهما ريحًا، ولنصيفها -يعني الخمار- خير من الدنيا وما فيها".