للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا تأمنن الموت في طرف ولا نفس … ولو تَمنَّعت (١) بالحجاب والحرس

واعلم بأن سهام الموت نافذة … من كل مدَرَّع (٢) منا ومترَّس

ما بال دينك ترضى أن تدنسه … وثوبك الدهر مغسول من الدنس

التاسعة: حكى أن بعض الناس جاء إلى سليمان بن داود وقال: يا نبي اللَّه أريد منك أن تأمر الريح تحملني إلى بلاد الهند، فإن لي فيها حاجة في هذه الساعة وألحَّ عليه في ذلك. فقال له: نعم، وأمر الريح بحمله.

فلما خرج من عنده التفت سليمان فرأى ملك الموت قائمًا عنده مبتسمًا.

فسأله عن تبسمه؟

فقال له: يا نبي اللَّه تعجبت من هذا الرجل فإني أُمرت بقبض روحه (٣) بأرض الهند في هذه الساعة، فبقيت متفكرًا.

كيف يصل إلى بلاد الهند في هذه الساعة.

فلما سألك أن تأمر الريح بحمله تعجبت من ذلك (٤).

فمن لم تأته منا المنايا … إلى أوصاله يومًا أتاها

كما قال الذي عرى نفوسًا … وقوى في توكلها أقواها

ومن كانت منيته بأرض … فليس تموت في أرض سواها

وكم لهيت بطيب عيش … دهرًا نسيت به المماتا

والآن مُت وأنت أيضًا … لا بد يومًا يقال ماتا

فجِدّ واحذر تكون مثلي … كسبت حوبًا والخير فاتا

العاشرة: عن بعض الزهاد قال: كنت في جماعة من الزهاد وقد حان وقت صلاة الظهر ونحن في برية ليس فيها ماء.

فدعونا اللَّه فلم يستتم الدعاء حتى لاح بالبعد شيء، فقصدناه.


(١) تمنَّع الشيء: امتنع وبه احتمى.
(٢) الدرع القميص من حلقات من الحديد متشابكة تلبس وقاية من السلاح.
(٣) قال تعالى: ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (١١)﴾ [السجدة: ١١].
(٤) قال عبد الرزاق بسنده عن مجاهد: "ما على ظهر الأرض من بيت شعر أو مدر إلَّا وملك الموت يطوف به كل يوم مرتين".
وقال كعب الأحبار: "واللَّه ما من بيت فيه أحد من أهل الدنيا إلَّا وملك الموت يقوم على بابه كل يوم سبع مرات ينظر هل فيه أحد أمر أن يتوفاه".

<<  <  ج: ص:  >  >>