للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولغيره:

ومن يحمد الدنيا لعيش يسره … فسوف لعمري عن قليل يلومها

إذا دبرت كان على المرء حسرة … وإن أقبلت كانت كثيرًا همومها

الثانية عشرة: عن بعضهم قال: مررت ببعض القرى، فإذا بثلاثة قبور على قدر واحد، وهي على نَشَز (١) من الأرض، وعليها مكتوب أبيات من الشعر، على أحدها مكتوب:

وكيف يلذ العيش من هو عالم … بأن إله الخلق لا بد سائله

فيأخذ منه ظلمه لعباده … ويجزيه بالخير الذي هو فاعله

وعلى الثاني مكتوب:

وكيف يلذ العيش من كان موقنًا … بأن المنايا بغتة ستعاجله

فتسلبه ملكًا عظيمًا وبهجة … وتسكنه القبر الذي هو أهله

وعلى الثالث مكتوب:

وكيف يلذ العيش من كان صائرًا … إلى جدث (٢) تبلى الشباب منازله

ويذهب ماء الوجه من بعد حُسنه … سريعًا ويبلى جسمه ومفاصله

فقلت لشيخ جلست إليه: لقد رأيت في قريتكم عجبًا.

قال: وما رأيت؟

فقصصت عليه قصة القبور.


= تبسم الشافعي وأنشأ يقول:
تمنى رجال أن أموت وإن أمت … فتلك سبيل لست فيه بأوحد
فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى … تهيأ لأخرى مثلها فكأن قد
وقد علموا لو ينفع العلم عندهم … لئن مت ما الداعي عليَّ بمخلد
انظر تاريخ الإسلام للذهبي وفيات (٢٠١ - ٢١٠).
(١) النَّشز: ما ارتفع وظهر من الأرض، وجمعها: نشوز.
ونشز الشيء نشزًا ونشوزًا ارتفع، ويقال نشز المكان ونشز العرق عن مكانه، وفيه ارتفع منه ونهض.
(٢) قال تعالى: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (٥١)﴾ [يس: ٥١].
وهذه هي النفخة الثالثة وهي نفخة البعث والنشور للقيام من الأجداث والقبور، ولهذا قال تعالى: ﴿فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ﴾ [يس: ٥١]، والنسلان هو المشي السريع. تفسير ابن كثير (٣/ ٥٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>