للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال صالح (١): فتصدقت بها عنه.

فلما أقبلت أريد الجامع أتيت المقبرة، واستندت إلى قبر، فخفقت برأسي، وإذا بالقوم خرجوا وإذا بالفتى عليه ثياب بيض وهو فرح مسرور فأقبل نحوي حتى دنا مني وقال: يا صالح جزاك اللَّه عني خيرًا.

قد وصلت إليَّ الهدية.

قلت له: أنتم تعرفون يوم الجمعة؟

قال: نعم، وإن الطيور تعرفه في الهواء وتقول سلام سلام ليوم صالح.

ألا أيها القلب الكثير علائقه … ألم تر أن الدهر تجري بوائقه

ألا أيها الباكي على الميت بعده … رويدك لا تعجل فإنك لاحقه

رويدك لا تنسى المقابر والبلى … وطعم غذاء الموت الذي أنت ذائقه

إذا اعتصم مخلوق من فتن النوى … بخالقه أنجاه منها خالقه

أرى صاحب الدنيا فقيهًا بجهله … على ثقة من صاحب لا يفارقه

فلا تتمنى الموت يا صاح إنه … ستأتيك منه عن قريب طوارقه (٢)

الثالثة: عن بعض أهل العلم أن رجلًا رأى في نومه أهل القبور قد خرجوا من قبورهم إلى ظاهرة المقبرة، وهم يلتقطون شيئًا لا يدرى ما هو.

قال: فتعجبت من ذلك، ورأيت واحدًا منهم جالسًا لا يلتقط معهم شيئًا.

قال: فدنوت منه وسألته ما الذي يلتقطه هؤلاء؟

فقال: يلتقطون ما يهدي إليهم المسلمون من القراءة والصدقة والدعاء.

قال: فقلت: لم لا تلتقط أنت معهم؟

قال: أنا غني عن ذلك.

قلت: بأي شيء؟

قال: بختمة يقرؤها ويهديها إليَّ كل يوم ولد لي يبع الزَّلابية (٣) في السوق الفلاني.

فلما استيقظت ذهبت إلى السوق فوجدته وهو شاب يبيعها ويحرك شفتيه.


(١) قلت أي الذهبي: روى خمسة عن يحيى تليين صالح المري وما في ضعفه نزاع، إنما الخلاف هل يترك حديثه أو لا؟ انظر المرجع السابق.
(٢) الطارق: الآتي ليلًا، والنجم الثاقب، والحادث أو الحادث ليلًا، جمعها: طوارق.
(٣) الزَّلابية: حلواء تصنع من عجين رقيق تُصب في الزيت وتقلى ثم تعقد بالدِّبس، وهو عسل التمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>