للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعن ربعي بن حراش (١) قال: انطلقت مع أبي مسعود الأنصاري إلى حذيفة بن اليمان فقال أبو مسعود: حدثني ما سمعت من رسول اللَّه في الدجال. قال: "إن الدجال يخرج ومعه ماء ونار، فأما الذي يراه الناس ماء فنار تحرق. وأما الذي يراه الناس نارًا فماء بارد عذب. فمن أدرك ذلك منكم فليقع في الذي يراه نارًا، فإنه ماء عذب طيب" (٢) فقال عقبة: وأنا قد سمعته. متفق عليه.

وعن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص قال: قال رسول اللَّه : "يخرج الدجال في أمتي، فيمكث أربعين. لا أدري أربعين يوما أو أربعين شهرا أو أربعين عاما. فيبعث اللَّه عيسى ابن مريم (٣) كأنه عروة بن مسعود الثقفي، فيطلبه، فيهلكه، ثم يمكث الناس سبع سنين ليس بين اثنين عداوة، ثم يرسل اللَّه ريحًا باردة من قبل الشام فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته، حتى لو أن أحدكم دخل في كبد جبل لدخلته عليه حتى تقبضه". قال سمعتها من رسول اللَّه . قال: "فيبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع (٤) لا يعرفون


(١) ربعي بن حراش بن جحش بن عمرو الغطفاني ثم العيسي الكوفي، أحد كبار التابعين المعمرين، وهو أخو الرجل الصالح مسعود بن حراش الذي تكلم بعد الموت، وسمع عمر بن الخطاب بالجابية وعليا وحذيفة وأبا موسى وأبا مسعود البدري، وأبا بكرة الثقفي وجماعة، وأخرج له أصحاب الكتب الستة. توفي سنة (١٠٤) أو (١٠٠).
ترجمته: تهذيب التهذيب (٣/ ٢٣٦)، تقريب التهذيب (١/ ٢٤٣)، تاريخ البخاري الكبير (٣/ ٣٢٧)، تاريخ البخاري الصغير (١/ ٨٨)، الجرح والتعديل (٣/ ٢٣٧)، الوافي بالوفيات (١٤/ ٧٨)، سير أعلام النبلاء (٤/ ٣٥٩)، الثقات (٤/ ٢٤٠).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه (٧١٣٠) كتاب الفتن، [٢٧] باب ذكر الدجال، ومسلم في صحيحه [١٠٧ - (٢٩٣٤، ٢٩٣٥)] كتاب الفتن وأشراط الساعة، [٢٠] باب ذكر الدجال وصفته وما معه، والتبريزي في مشكاة المصابيح (٥٤٧٣).
قال النووي: قوله : "معه جنة ونار، فجنته نار، وناره جنة" وفي رواية: "نهران" وفي رواية "ماء ونار" قال العلماء: هذا من جملة فتنته، امتحن اللَّه تعالى به عباده ليحق الحق ويبطل الباطل، ثم يفضحه ويظهر للناس عجزه. [النووي في شرح مسلم (١٨/ ٤٨) طبعة دار الكتب العلمية].
(٣) أنكر ذلك بعض المعتزلة والجهمية ومن وافقهم، وزعموا أن هذه الأحاديث مردودة بقوله تعالى: ﴿وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ [الأحزاب: ٤٠]، وبقوله : "لا نبي بعدي" وبإجماع المسلمين على أنه لا نبي بعد نبينا وأن شريعته مؤبدة إلى يوم القيامة لا تنسخ، وهذا استدلال فاسد؛ لأنه ليس المراد بنزول عيسى أنه ينزل نبيا بشرع ينسخ شرعنا، ولا في هذه الأحاديث ولا في غيرها شيء من هذا، بل صحت هذه الأحاديث هنا. [النووي في شرح مسلم (١٨/ ٦١) طبعة دار الكتب العلمية].
(٤) قال العلماء: معناه: يكونون في سرعتهم إلى الشر وقضاء الشهوات والفساد كطيران الطير، وفي العدوان وظلم بعضهم بعضا في أخلاق السباع العادية.

<<  <  ج: ص:  >  >>