للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحد منا نذرًا إن خلصنا اللَّه أن نتصدق بها أول من يقع بصري عليه من المجاورين، وأنت أول من لقيته، قلت: افتحها، فإذا فيها كعك من سميد (١) مصر، وقلب لوز وسكر، فقبضت قبضة من ذا وقبضة من ذا، وقلت: رد الباقي إلى صبيانك هدية مني إليهم، وقد قبلتها، ثم قلت في نفسي: رزقك يسير إليك منذ عشرة أيام، وأنت تطلبه من الوادي؟!!

وأنشدوا:

لقد علمت وما الإشراف من خلقي … إن الذي هو رزقي سوف يأتيني

أسعى له فيعنيني تطلبه … ولو قعدت أتاني لا يعنيني

العاشرة: حكي أن عابدا من عباد الحرم كان يأتيه رجل كل ليلة بقرصين يفطر عليهما ولا يشتغل بغير اللَّه ﷿ فقالت له نفسه: سكنت في القوت إلى هذا المخلوق، ونسيت رازق المخلوقين، ما هذه الغفلة!! فلما أتاه الرجل بالقرصين ردهما عليه، وانصرف عنه، وبقي الفقير ثلاثة أيام لم يفتح عليه بشيء من القوت، فشكى ذلك إلى ربه ﷿ فرأى تلك الليلة في النوم أنه واقف بين يدي اللَّه تعالى، فقال: يا عبدي، لم رددت ما أرسلت به إليك مع عبدي؟ فقال: يا رب، لما قام في نفسي من السكون إلى غيرك، فقال: يا عبدي، فمن أرسله إليك؟ قال: أنت يا رب، قال: وكنت تأخذ من مَنْ؟ قال: منك، قال: خذ ولا تعد، ثم رأى الرجل المتصدق كأنه واقف بين يدي اللَّه فقال له: يا عبدي، لم منعت عبدي قوته؟ قال: يا رب قد علمت ذلك، قال: يا عبدي، أنت لمن تعطي؟ قال: لك يا رب، قال: فأجري الفقير على عادته وأبقه على عادتك، وثوابك الجنة.

وأنشدوا:

وكل جميل أو جمال فجوده … وصنعته عن حكمة ذات إتقان

فلا نعمة إلا ومن عنده أتت … إليك وإن جاءتك من عند إنسان

الحادية عشر: عن إبراهيم بن بشار (٢) -رحمه اللَّه تعالى- قال: كنت مع إبراهيم بن أدهم في سفره وليس معنا شيء نفطر عليه، ولا لنا حيلة،


(١) السّميد: السميذ، وهو لباب الدقيق.
(٢) إبراهيم بن بشار الخراساني الصوفي، صاحب إبراهيم بن أدهم طال عمره، وبقي إلى بعد الثلاثين ومائتين، روي عن إبراهيم بن أدهم وحماد بن زيد والفضيل بن عياض، روى عنه: أحمد بن عون البزوري، وإبراهيم بن نصر المنصوري، وأبو العباس السراج، وذكره ابن حبان في الثقات، قال الدارقطني: تأخرت وفاته. انظر تاريخ الإسلام، وفيات [٢٣١ - ٢٤٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>