للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (٥٨)(١).

﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا﴾ (٢).

﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ (٣).

﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (٢٢)(٤).

ثم أتبع ذلك بقسم عظيم، أقسم به رب العالمين، مع أن قوله حق، ووعده صدق، لا يحتاج إلى يمين، فقال عز من قائل: ﴿فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (٢٣)(٥).

أما تعلمين أن وعده الوفي، ولطفه الخفي قد ضُمن للعباد في جميع البلاد، بسط أيادي الجود في جميع الموجود، وساق مطايا الأرزاق من خزائن رحمة الرزاق، القدر السابق في القدم بسوط القدرة، وقادها بزمام اللطف والكرم، حتى دخلت في باب الأسماء من بعد ما خرجت من باب العدم، وسارت في الوجود إلى أن وصلت إلى سرادقات عالم التقريب والتمكين، فبركت في مبارك البركات بالمواهب الجليلة من المقامات العلية، فحط عنها تحف الفوائد، وطرف العوائد الجميلة، ثم حمل تلك الطرف والتحف خُذَام القدرة، ودخل بها إلى حضرة أهل الحضرة، فناولوا بتلك المواهب أعز المواهب من المقامات العالية، والمعارف الغالية، خضهم بها المولى الكريم ﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٤)(٦).

وأنشدوا في المعنى:


(١) سورة الذاريات [٥٨].
معنى الآية أنه خلق العباد ليعبدوه وحده لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم؛ فهو خالقهم ورازقهم. وروي أحمد في مسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه يعني "قال اللَّه تعالى: يا ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسد فقرك، وإلا تفعل ملأت صدرك شغلًاا ولم أسد فقرك" تفسير ابن كثير [٤/ ٢٣٨].
(٢) سورة هود [٦].
(٣) سورة سبأ [٣٩].
(٤) سورة الذاريات [٢٢].
(٥) سورة الذاريات [٢٣]. يقسم -تعالى- بنفسه الكريمة أن ما وعدهم به من أمر القيامة والبعث والجزاء كائن لا محالة، وهو حق لا مرية فيه، فلا تشكوا فيه كما لا تشكون في نطقكم حين تنطقون، وكان معاذ إذا حدث بالشيء يقول لصاحبه: إن هذا لحق كما أنك ههنا. تفسير ابن كثير [٤/ ٢٣٥].
(٦) سورة الحديد [٢١]. =

<<  <  ج: ص:  >  >>