للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دوسًا" (١) وقال: "اخرج إلى قومك فادعهم وارفهق بهم" فخرجت أدعوهم حتى هاجر رسول اللَّه إلى المدينة، ومضت بدر والخندق، ثم قدمت بمن أسلم منهم ورسول اللَّه بخيبر، فأسهم لنا مع المسلمين، وقلنا: يا رسول اللَّه، اجعلنا في ميمنتك، واجعل شعارنا "مبرور"، ففعل، فلم أزل مع رسول اللَّه حتى فتح مكة، فقلت: ابعثني يا رسول اللَّه إلى ذي الكفين أحرقه، فبعثه إليه فأحرقه، فلما أحرقه بان لمن كان يتمسك به أنه ليس على شيء، فأسلموا جميعًا، ورجع الطفيل إلى رسول اللَّه فكان معه حتى مات.

وأما الحكايات، فنذكر منها:

الحكاية الأولى: حكي عن الشبلي أنه خرج ذات يوم على أصحابه، وكانوا أربعين رجلًا فقال لهم: يا قوم إن اللَّه قد تكفل بأرزاق العباد، فقال عز من قائل: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ (٢) الآية، فتوكلوا على اللَّه، وتوجهوا إليه، ولا تتوجهوا إلى سواه، ثم تركهم ومضى، فأقاموا ثلاثة أيام لم يفتح عليهم بشيء، فلما كان اليوم الرابع دخل عليهم فقال: يا قوم، إن اللَّه -تعالى- قد أباح التسبب للعباد، فقال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ﴾ (٣).

فانظروا إلى أصدقكم نية فليخرج، عسى أن يأتيكم بشيء من القوت، فاختاروا منهم فقيرًا، فخرج ومشى في جانبي بغداد، فلم يفتح له بشيء، فأخذه الجوع وأعياه المشي، فجلس عند دكان طبيب نصراني عليه خلق كثير، وهو يصف لهم الأدوية، فنظر إليه فقال: ما بك؟ وما علتك؟ فكره أن يشكو الجوع إلى نصراني، فمد يده إليه فجسها وقال: علتك هذه أنا أعرفها وأعرف دواءها، ثم التفت إلى غلامه وقال: امض إلى السوق فأتني برطل خبز ورطل شواء ورطل حلوى، فمضى إلى السوق وأتاه بذلك، فأخذه النصراني وناوله الفقير وقال: هذا دواء مرضك عندي، فقال له الفقير: إن كنت صادقًا في حكمتك، فهذه العلة بأربعين رجلا، فقال النصراني لغلامه: ارجع إلى


(١) أخرجه البخاري في صحيحه [٤/ ٥٤، ٥/ ٢٥٠]، ومسلم [١٩٧ - (٢٥٢٤)] كتاب فضائل الصحابة، [٤٧] باب من فضائل غفار وأسلم وجهينة وأشجع ومزينة وتميم ودوس وطيئ، عن أبي هريرة.
وأحمد في مسنده [٢/ ٢٤٣، ٤٤٨]، والتبريزي في المشكاة [٥٩٩٦].
(٢) سورة الطلاق [٢].
أي ومن يتق اللَّه فيما أمره به وترك ما نهاه عنه يجعل له من أمره مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب أي من جهة لا تخطر بباله.
(٣) سورة الملك [١٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>