للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال اليهودي: هات برهانًا على صدق هذا، فقال الشيخ: البرهان حاضر، يراه كل ناظر، وهو أن تطرح ثيابي وثيابك في النار، فمن سلمت ثيابه فهو الناجي منها، ومن احترقت ثيابه فهو الباقي فيها، فنزعا ثيابهما، ورمى بالجميع في النار، ثم دخل النار وأخذ الثياب وخرج من الجانب الآخر، ثم فتحت الثياب فإذا ثياب الشيخ سالمة بيضاء نظيفة، وثياب اليهودي محترقة، وكانت مستورة بثياب الشيخ، فلما رأى ذلك أسلم.

الحكاية السادسة: حكي أنه كان في الأمم الماضية ملك متمرد على ربه، فغزاه المسلمون، وأخذوه أسيرًا فقالوا: بأي قتلة نقتله؟ فاجمع رأيهم على أن يجعلوا له قُمقُمًا عظيمًا ويمجعلوه فيه، ويوقدوا تحته النار حتى يذيقوه طعم العذاب، ففعلوا ذلك، فجعل يدعو آلهته واحدًا بعد واحد: يا فلان بما كنت أعبدك أنقذني مما أنا فيه، فلما رأى الآلهة لا تغني عنه شيئًا رفع رأسه إلى السماء وقال: لا إله إلا اللَّه، ودعا مخلصًا فصبّ اللَّه عليه مبعث ماء من السماء فأطفأ تلك النار، وجاءت ريح فاحتملت ذلك القمقم، وجعلت تدور به بين السماء والأرض، وهو يقول: لا إله إلا اللَّه، فقذفته إلى قوم يعبدون اللَّه ﷿ وهو يقول: لا إله إلا اللَّه، فاستخرجوه وقالوا: ويحك، مالك؟ قال: أنا ملك بني فلان، كان من أمري وجندي كيت وكيت، وقص عليهم القصة، فآمنوا كلهم - رحمة اللَّه عليه.

الحكاية السابعة: حكي أن بعض ملوك الأمم السالفة بنى مدينة وتغالى في حسنها وزينتها، ثم صنع طعاما ودعا الناس.

وأجلس أناسًا على أبوابها يسألون كل من خرج هل رأيتم عيبًا؟ فيقولون: لا، حتى جاء أناس في آخر الناس عليهم أكسية، فسألوهم هل رأيتم عيبًا؟ قالوا: عيبين اثنين، فحبسوهم ودخلوا على الملك فأخبروه بما قالوا، فقال: ما كنت راضيًا بعيب واحد، فأتوني بهم، فأدخلوهم عليه فسألهم عن العيبين ما هما؟ قالوا: تخرب ويموت صاحبها، قال: أفتعلمون دارًا لا تخرب ولا يموت صاحبها؟! قالوا: نعم، فذكروا له الجنة ونعيمها (١) وشوقوه إليها، وذكروا له النار وعذابها وخوفوه منها،


= وأخَّر عنده تسعًا وتسعين رحمة، أتقولون هو أضل أم بعيره؟ " واللفظ لأحمد.
(١) في ذكر نعيم الجنة، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة، عن النبي قال: "قال اللَّه ﷿: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، مصداق ذلك في كتاب اللَّه: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٧)﴾ [السجدة:١٧] "، انظر البخاري [٣٢٤٤] في بدء الخلق، ومسلم [١ - (٢٨٢٢)] في كتاب الجنة وصفة نعيمها.

<<  <  ج: ص:  >  >>