للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولعل -واللَّه أعلم- بالفرقة الرابعة يسقيهم الولدان، قال تعالى: ﴿يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (١٧) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (١٨)(١).

الحكاية الثالثة بعد العشرين: روي أنه اجتاز بعض الأمراء على باب الشيخ حاتم الأصم (٢) -رحمة اللَّه عليه- فاستقى ماء، فلما شرب رمى إليهم شيئًا من المال، ووافقه أصحابه، ففرح أهل الدار سوى بنت صغيرة لحاتم فإنها بكت، فقيل لها: ما يبكيك؟ فقالت: نظر إلينا مخلوق فاستغنينا، فكيف لو نظر إلينا الخالق؟ (٣)

الحكاية الرابعة بعد العشرين: عن أبي كثير، عن أبي هريرة أنه قال: ما خلق اللَّه مؤمنًا يسمع بي ولا رآني إلا أحبني. قلت: وما علمك بذلك يا أبا هريرة؟ قال: إن أمي كانت مشركة، وكنت أدعوها إلى الإسلام، فأسمعتني في رسول اللَّه ما أكره، فذكرت ذلك له وقلت: ادع اللَّه أن يهدي أم أبي هريرة، فقال رسول اللَّه : "اللهم اهد أم أبي هريرة" (٤) فخرجت أبشرها بدعاء رسول اللَّه فلما أتيت الباب إذا هو مجاف، فسمعت خضخضة الماء، فسمعت أمي خشخشة رجلي فقالت: يا أبا هريرة كما أنت، ثم فتحت الباب، وقد لبست درعها، وعجلت عن خمارها، فقالت: إني أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدًا عبده ورسوله (٥)، فخرجت


(١) سورة الواقعة [١٧، ١٨].
(٢) حاتم الأصم أبو عبد الرحمن البلخي الزاهد الناطق بالحكمة، له كلام عجيب في الزهد والوعظ، وكان يقال له: لقمان هذه الأمة، وكان قد صحب شقيقًا البلخي وتأدب بآدابه، قال السلمي: هو حاتم بن عنوان، ويقال ابن يوسف، ويقال حاتم بن عنوان بن يوسف، روى عن شقيق البلخي وسعيد بن عبد اللَّه الماهاني، روى عنه: عبد اللَّه بن سهل الرازي وأحمد بن خضرويه البلخي الزاهد، ومحمد بن فارس البلخي، توفي سنة سبع وثلاثين ومائتين. تاريخ الإسلام، وفيات [٢٣١ - ٢٤٠].
(٣) قال أبو تراب: سمعت حاتما الأصم يقول: لي أربع نسوة، وتسعة أولاد، ما طمع شيطان أن يوسوس لي في شيء من أرزاقهم، وقال: المؤمن لا يغيب عن خمسة أشياء: عن اللَّه، والقضاء، والرزق، والموت، والشيطان. انظر تاريخ الإسلام للذهبي، وفيات [٢٣١ - ٢٤٠].
(٤) قال أبو هريرة: "نشأت يتيمًا، وهاجرت مسكينًا، وكنت أجيرًا لبسرة بنت غزوان بطعام بطني وعقبة رجلي، وكنت أخدم إذا نزلوا، وأحدوا إذا ركبوا، فزوجنيها اللَّه، فالحمد للَّه الذي جعل الدين قوامًا، وجعل أبا هريرة إمامًا.
(٥) قال النووي: إذا أراد الكافر الإسلام بادر به ولا يؤخره للاغتسال، ولا يحل لأحد أن يأذن له في تأخيره بل يبادر به، ثم يغتسل، ومذهبنا أن اغتساله واجب إن كان عليه جنابة في الشرك، سواء كان اغتسل منها أم لا، وقال بعض أصحابنا: إن كان اغتسل أجزأه وإلا وجب، وقال بعض أصحابنا وبعض المالكية: لا غسل عليه ويسقط حكم الجنابة بالإسلام كما تسقط الذنوب، وضعفوا هذا بالوضوء، فإنه يلزمه بالإجماع ولا يقال يسقط أثر الحدث بالإسلام، هذا كله إذا =

<<  <  ج: ص:  >  >>