للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى رسول اللَّه فبكيت من الفرح كما بكيت من الحزن، فقلت: يا رسول اللَّه أبشرك، فقد استجاب اللَّه دعاءك، وقد هدى أم أبي هريرة فادع اللَّه أن يحببني إلى عباده المؤمنين، فقال: "اللهم حبب عبدك هذا إلى عبادك المؤمنين" فما خلق اللَّه مؤمنًا يسمع بي ولا يراني إلا يحبني (١).

الحكاية الخامس بعد العشرين: عن ربيعة بن عثمان، وقدامة -رحمهما اللَّه- قالا: لا نعلم قرشية خرجت من بين أبويها مسلمة مهاجرة إلا أم كلثوم (٢)؛ قالت: كنت أخرج إلى بادية لنا فيها أهلي، فأقيم بها الثلاث والأربع، ثم أرجع إلى أهلي فلا ينكرون ذهابي في البادية حتى جمعت في السير، فخرجت يومًا من مكة، كأنني أريد البادية، فلقيت رجلا من خزاعة، فلما ذكر خزاعة (٣) اطمأننت؛ لدخول خزاعة في عهد رسول اللَّه وعقده، فقلت: إني امرأة من قريش، فإني أريد اللحوق برسول اللَّه ولا علم لي بالطريق، فقال: أنا صاحبك حتى أدلك على المدينة، ثم جاءني ببعير فركبته، وكان يقود لي البعير فواللَّه ما كلمني بكلمة، فإذا أناخ البعير تنحى عني، فإذا نزلت جاء إلى البعير قيده بالشجرة، ثم تنحى إلى شجرة، حتى إذا


= كان أجنب في الكفر، أما إذا لم يجنب أصلًا، ثم أسلم فالغسل مستحب له وليس بواجب، هذا مذهبنا ومذهب مالك وآخرين. وقال أحمد وآخرون: يلزمه الغسل. النووي في شرح مسلم [١٢/ ٧٦] طبعة دار الكتب العلمية.
(١) أخرجه مسلم في صحيحه [١٥٨ - (٢٤٩١)]: كتاب فضائل الصحابة [٣٥] باب من فضائل أبي هريرة الدوسي ، والحاكم في المستدرك (٢/ ٦٢١)، وأحمد في مسنده (٢٠/ ٣٢)، والتبريزي في مشكاة المصابيح (٦٢٠٤)، وابن كثير في البداية والنهاية (٨/ ١٠٥).
(٢) أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط الأموية، أسلمت قديمًا، وهي أخت عثمان لأمه، صحابية لها أحاديث، ماتت في خلافة علي ، وأخرج لها البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي. ترجمتها: تهذيب التهذيب [١٢/ ٤٧٧]، تقريب التهذيب [٢/ ٦٢٤]، تاريخ الإسلام، وفيات [٣١/ ٤٠].
(٣) لما كان صلح الحديبية بين رسول اللَّه وبين قريش، كان فيما شرطوا لرسول اللَّه وشرط لهم أنه من أحب أن يدخل في عقد رسول اللَّه وعهده فليدخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم فليدخل فيه، فدخلت بنو بكر في عقد قريش، ودخلت خزاعة في عقد رسول اللَّه مؤمنها وكافرها، فلما كانت الهدنة اغتنمها بنو الديل أحد بني بكر، وأرادوا أن يصيبوا ثأرًا من خزاعة، وأمدتهم قريش بالسلاح، وخرج نوفل بن معاوية الديلي في قومه إلى خزاعة فاقتتلوا وحازوا خزاعة إلى الحرم، فقال قوم نوفل بن معاوية الديلي: اتق إلهك ولا تستحل الحرم، فقال: لا إله لي اليوم، واللَّه يا بني كنانة إنكم لتسرقون في الحرم أفلا تصيبون ثأركم؟ فقتلوا رجلا من خزاعة، ولجأت خزاعة إلى دار بديل بن ورقاء الخزاعي ودار رافع مولى خزاعة، فلما تظاهر بنو بكر وقريش على خزاعة كان ذلك نقضًا للهدنة، وكان ما كان من فتح مكة.

<<  <  ج: ص:  >  >>