للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بمثل طاعة اللَّه، ولا أماتت أنفسها بمثل معصية اللَّه تعالى.

الرابعة: عن وهيب بن الورد (١) قال: يقول اللَّه ﷿: وعزتي وجلالي وعظمتي، ما من عبد آثر هواي على هواه إلا أقللت همومه، وجمعت عليه ضيعته، ونزعت الفقر من قلبه، وجعلت الغنى بين عينيه، وتجرت له من وراء كل تاجر.

وعزتي وجلالي وعظمتي، ما من عبد آثر هواه على هواي إلا أكثرت همومه، وفرقت عليه ضيعته، ونزعت الغنى من قلبه، وجعلت الفقر بين عينيه، ثم لا أبالي في أي أوديتها هلك.

فائدة: قال علي بن أبي طالب : إن أخوف ما أخاف اتباع الهوى وطول الأمل، فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق، وأما طول الأمل فَيُنْسي الآخرة.

نادرة: قال أبو محمد الحريري: من استولت عليه النفس صار أسيرًا في حكم الشهوات محصورًا في سجن الهوى، فحرم اللَّه على قلبه الفوائد، فلا يستلذ بكلامه ولا يستحليه وإن كثر ترداده على لسانه.

الخامسة: عن بعضهم قال: انكسرت بنا السفينة وبقيت أنا وامرأتي على لوح، وقد ولدت في تلك الحال صبية فصاحت بي وقالت: قتلني العطش، فقلت: هو ذا يرى حالنا (٢) فرفعت رأسي، فإذا رجل في الهواء جالس وفي يده سلسلة من ذهب فيها كوز من ياقوت أحمر وقال: هاك اشربا، فأخذنا الكوز وشربنا منه، فإذا هو أطيب من المسك وأبرد من الثلج وأحلى من العسل، فقلت له: من أنت يرحمك اللَّه؟ فقال: عبد لمولاك، فقلت: بما وصلت إلى هذا؟ فقال: تركت الهوى لمرضاته فأجلسني على الهواء، ثم غاب عني فلم أره.


= ٣٠٦]، تاريخ البخاري الكبير [٣/ ٥١٠]، الكاشف [١/ ٣٧٢]، سير الأعلام [٤/ ٢١٧].
(١) وهيب بن الورد بن أبي الورد، أبو عثمان أبو أمية القرشي مولاهم المكي، ثقة عابد، أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، توفي سنة [١٥٣]. ترجمته: تهذيب التهذيب [١/ ١٧٠]، تقريب التهذيب [٢/ ٣٣٩]، الكاشف [٣/ ٢٤٦]، تاريخ البخاري الكبير [٨/ ١٧٧] الجرح والتعديل [٩/ ١٥٧]، سير الأعلام [٧/ ١٩٨]، الثقات [٧/ ٥٥٩].
(٢) قال تعالى: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ﴾ [النمل: ٦٢] قال ابن كثير، ينبه تعالى أنه هو المدعوُّ عند الشدائد، المرجوَّ عند النوازل كما قال تعالى: ﴿وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ﴾ [الإسراء: ٦٧]، وقال تعالى: ﴿ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ﴾ [النحل: ٥٣] وهكذا قال ههنا: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ﴾ [النمل: ٦٢] أي من هو الذي لا يلجأ المضطر إلا إليه، والذي لا يكشف ضر المضرورين سواه. "تفسير ابن كثير [٣/ ٣٨٣] ".

<<  <  ج: ص:  >  >>