للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالسنة غيث والقلوب أراضيه، فالطيب الأصل يقبل ويثبت، والمقارب يحبط ويمسك، والخبيث الأصل ضد ذلك، فطوبى لمن جبل على الخير، ويسر له وحفظه من الغير.

ثامنها: حديث جابر مرفوعًا: "مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد نارًا فجعل الجنادب والفراش يقعن فيها (١) وهو يذُبُّهنَّ عنها، وأنا آخذ بحجزكم عن النار، وأنتم تفلَّتون من يدي" (٢) أخرجه مسلم.

والجنادب: نحو الجراد والفراش المعروف الذي يقع في النار، والحجز: جمع حجزة، وهى وقعد الإزار والسراويل، والسنَّة مانعة من مواقعة النار بالعقلاء، ومن هو كالفراش ينفلت من يدها، ويحرق نفسه.

﴿إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (٩)(٣) فهذا الحديث والذي قبله لبيان الأصل النفيس والخسيس قلبًا وعقلًا، والبعد حينئذ إلى كل أحد فطنة وغفلة على قدر محافظته وتهاونه.

تاسعها: حديثه أيضًا: "أمر رسول اللَّه بلعق الأصابع والصحفة وقال: "إنكم لا تدرون في أيّه البركة" (٤) أخرجه مسلم.


= صحيحه [١٥ - (٢٢٨٢)] كتاب الفضائل، [٥] باب بيان مثل ما بعث النبي من الهدى والعلم، وأحمد في مسنده [٤/ ٣٩٩]، وابن أبي عاصم في السنة [٢/ ٤٣٧]، وابن كثير في تفسيره [٤/ ٣٧٠]، والمنذري في الترغيب والترهيب [١/ ٩٩].
(١) قوله: "فجعل الجنادب والفراش يقعن فيها": أما الفراش فقال الخليل: هو الذي يطير كالبعوض، وقال غيره: ما تراه كصغار البق يتهافت في النار، وأما الجنادب فجمع جندب، وفيها ثلاث لغات: جُندُب بضم الدال وفتحها والجيم مضمومة فيهما، والثالثة حكاه القاضي بكسر الجيم وفتح الدال، والجنادب هذا الصرار الذي يشبه الجراد، وقال أبو حاتم: الجندب على خلقة الجراد؛ له أربعة أجنحة كالجرادة، وأصغر منها يطير ويَصِرُّ بالليل صَرًّا شديدًا، وقيل غيره. "النووي في شرح مسلم [١٥/ ١٤] طبعة دار الكتب العلمية".
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه [١٩ - (٢٢٨٥)] كتاب الفضائل، [٦] باب شفقته على أمته، ومبالغته في تحذيرهم مما يضرهم، وأحمد في مسنده [٣/ ٣٩٢]، والمنذري في الترغيب والترهيب [٤/ ٤٥٣]، والبيهقي في دلائل النبوة [١/ ٣٦٧]، والزبيدي في الإتحاف [٩/ ٥٩١]، والقرطبي في تفسيره [٥/ ١٦٥]، والعراقي في المغني عن حمل الأسفار [٤/ ١٠٤، ٢١٠].
(٣) سورة الزمر [٩].
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه [١٣٣ - (٢٠٣٣)] كتاب الأشربة، [١٨] باب استحباب لعق الأصابع والقصعة، وأكل اللقمة الساقطة بعد مسح ما يصيبها من أذى، وكراهة مسح اليد قبل لعقها، وأحمد في مسنده [٣/ ١٧٧، ٢٩٠]، وابن أبي شيبة في مصنفه [٨/ ١٠٨]، والألباني في إرواء الغليل [٧/ ٣١].

<<  <  ج: ص:  >  >>