للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رواية: "إذا وقعت لقمة أحدكم فليأخذها، فليمط ما كان بها من أذى، فليأكلها ولا يدعها للشيطان" (١) فالخلق عقولهم قاصرة عن دراية ما فيه الخير والبركات، وما فيه حظ الشيطان والشر والهلكات، وإذا كانت المصالح والمفاسد بهذه الدقة والخفاء فلا أدري إلا الاعتصام بسنَّة السادة الأنبياء المأخوذة من رب العالمين والسماء ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ (٢).

العاشرة: حديث ابن عباس: "قام فينا رسول اللَّه بموعظة فقال: "أيها الناس تحشرون إلى اللَّه -تعالى- حفاة عراة غرلا (٣) ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ (٤)، وأول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم ، ألا وإنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: يا رب أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: كما قال العبد الصالح: ﴿وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ﴾ إلى قوله: ﴿الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ (٥).

فيقال لي: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم" (٦) أخرجاه.


(١) أخرجه مسلم في صحيحه [١٣٤ - (٢٠٣٣)] كتاب الأشربة، [١٨] باب استحباب لعق الأصابع والقصعة وأكل اللقمة الساقطة بعد مسح ما يصيبها من أذى، وكراهة مسح اليد قبل لعقها، وأحمد في مسنده [٣/ ١٧٧]، والزبيدي في الإتحاف [٥/ ٢٢٠]، والعراقي في المغني عن حمل الأسفار [٢/ ٥].
(٢) سورة النور [١٩].
(٣) فال النووي: الغرل بضم الغين المعجمة وإسكان الراء معناه غير مختونين، جمع أغرل وهو الذي لم يختن وبقيت معه غرلته وهي قلفته، وهي الجلدة التي نقطع في الختان، قال الأزهري وغيره: هو الأغرل والأرغل والأغلف بالغين المعجمة في الثلاثة، والأقلف والأعرم بالعين المهملة، وجمعه غرل ورغل وغلف وقلف وعرم، والحفاة جمع حاف والمقصود أنهم يحشرون كما خلقوا لا شيء معهم ولا يفقد منهم شيء حتى الغرلة تكون معهم. "النووي في شرح مسلم [١٧/ ١٥٩] طبعة دار الكتب العلمية".
(٤) سورة الأنبياء [١٠٤].
(٥) سورة المائدة [١١٧، ١١٨].
(٦) أخرجه البخاري في صحيحه [٣٣٤٩] كتاب أحاديث الأنبياء، [٩] باب قول اللَّه - تعالى: ﴿وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا﴾ [النساء: ١٢٥]، وقوله: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ﴾ [النحل: ١٢٠]، ورقم [٣٤٤٧] [٥٠] باب ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا﴾ [مريم: ١٦]، ورقم [٤٦٢٥] كتاب تفسير القرآن، [١٤] باب ﴿وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ﴾ [المائدة: ١١٧] الآية، ورقم [٤٦٢٦]، [١٥] باب قوله ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١١٨)﴾ [المائدة: ١١٨]، ورقم [٤٧٤٠] من سورة الأنبياء، [١] باب ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا﴾ [الأنبياء: ١٠٤]، ورقمي [٦٥٢٥، ٦٥٢٦] كتاب الرقاق، [٤٥] باب كيف =

<<  <  ج: ص:  >  >>