للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصلى عليه اللَّه (١) ما سرت الصبا … وما من مشتاق برؤياه واللقيا

صلاة شذاها عطر الكون جهرة … فمن قاسها بالمسك يوما فما استحيا

وهذه حكايات أخر مما نحن فيه:

الأولى: رؤي مسطاح الصوفي بعد موته وكان ماجنا، فقيل له: ما فعل اللَّه بك؟ قال: غفر لي. قيل: بأي شيء؟ قال: استمليت على بعض المحدثين مسندًا، فصلى الشيخ على رسول اللَّه فصليت أنا ورفعت صوتي، فصلى أهل المجلس عليه، فغفر لنا في ذلك اليوم.

الثانية: روى ابن بشكوال أن بعضهم رأى أبا إسحاق الكاغدي بعد وفاته، وكان سيدًا كبيرًا، فقال: ما فعل اللَّه بك؟ قال: رحمني وغفر لي، وأدخلني الجنة. فقيل بماذا؟ قال: لما وقفت بين يديه أمر الملائكة فحسبوا ذنوبي وحسبوا صلاتي على المصطفى فوجدوها أكثر، فقال لهم جلت قدرته: حسبكم يا ملائكتي، لا تحاسبوه واذهبوا به إلى جنتي.

الثالثة: روى أبو نعيم، عن سفيان الثوري قال: بينما أنا حاج إذ دخل عليَّ شاب لا يرفع قدمًا ولا يضع قدمًا إلَّا ويقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد. فقلت له: أتعلم قبول هذا؟ قال: نعم، من أنت؟ قلت: سفيان الثوري. قال: سفيان العراقي؟ قلت: نعم. قال: هل عرفت اللَّه؟ قلت: نعم. قال: كيف عرفته؟ قلت: بأنه يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل، ويصور الولد في الرحم. قال: يا سفيان (٢) ما عرفت اللَّه حق معرفته. قلت: كيف تعرفه أنت؟ قال: بفسخ العزم والهمم، ونقض العزيمة؛ هممت ففسخ همتي، وعزمت فنقض عزمي، فعرف أن لي ربًا يدبرني. قال: قلت: فصلاتك على رسول اللَّه قال: كنت حاجًا ومعي والدتي، فسألتني أن أدخلها البيت، فوقعت وتوَرَّم بطنها واسود وجهها، فجلست عندها وأنا حزين، فرفعت يدي نحو السماء فقلت: يا رب هكذا تفعل بمن دخل بيتك؟ فإذا أنا بغمامة قد ارتفعت من قبل تهامة، وإذا رجل عليه ثياب بيض قد دخل البيت فأمرَّ يده على وجهها، فابيض، وأمرَّ يده على بطنها فسكن الورم، ثم مضى ليخرج، فتعلقت بثوبه فقلت: من أنت الذي فرَّجت عني؟ قال: أنا نبيك


(١) قال اللَّه تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٥٦)﴾ [الأحزاب: ٥٦].
(٢) سفيان بن سعيد بن مسروق، أبو عبد اللَّه الثوري الكوفي، ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة، وكان ربما دلس، أخرج له الستة، توفي سنة [١٦١ أو ١٦٤].

<<  <  ج: ص:  >  >>