للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد. قلت: يا رسول اللَّه أوصني. قال: لا ترفع قدمًا ولا تضع أخرى إلا وأنت تقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد.

الرابعة: قال أبو الحسن البغدادي: رأيت منصور بن عمار في النوم، فقلت له: ما فعل اللَّه بك؟ قال: أوقفني بين يديه وقال: أنت منصور بن عمار؟ قلت: بلى يا رب. قال: أنت الذي كنت تُزهد الناس في الدنيا وتُرغب فيها؟ قال: قلت: قد كان ذلك، ولكني ما اتخذت مجلسًا إلا وبدأت بالثناء عليك (١)، وثنيت بالصلاة على نبيك، وثلثت بالنصيحة لعبادك. قال: صدقت، ضعوا له كرسيًا في سمائي يمجدني بين ملائكتي كما مجدني في أرضي بين عبادي. قلت: سبحان الملك المجيد الفعال لما يريد، لا إله سواه، ولا نعبد إلا إياه، وصل اللَّه على محمد وعلى آل محمد وسلم.

الخامسة: لما مات أبو العباس أحمد بن منصور قال رجل من أهل شيراز: رأيته في المنام البارحة وعليه حلة، وعلى رأسه تاج مكلل بالجوهر، فقلت: ما فعل اللَّه بك؟ قال: غفر لي وأكرمني وتوجني وأدخلني الجنة. فقلت: بماذا؟ قال: بكثرة صلاتي على رسول اللَّه .

السادسة: روي أن رجلا يقال له محمد بن مالك قال: مضيت إلى بغداد لأقرأ على أبي بكر بن مجاهد المقري، فكنا نقرأ عليه يومًا من الأيام إذ دخل عليه شيخ وعليه عمامة رثَّة وقميص ورداء رث، فقام الشيخ أبو بكر له وأجلسه مكانه واستخبره عن حاله وحال صبيانه، فقال الرجل: وُلد لي اليوم مولود وطلبوا مني سمنًا وعسلًا، ولم أملك ذرَّة، قال: فنمت وأنا حزين القلب، فرأيت النبي في منامي، فقال لي: ما هذا الحزن؟ اذهب إلى علي بن عيسى وزير الخليفة واقرأ عليه السلام، وقل له بعلامة أنك لا تنام كل ليلة جمعة إلا بعد أن تصلي عليَّ ألف مرة، وهذه ليلة الجمعة صليت عليَّ سبعمائة مرة، فجاءك رسول الخليفة فدعاك، فمضيت معه ورجعت فما نمت حتى أتممت ألفًا، فبهذه العلامة سلِّم إلى هذا الرجل مائة دينار، فقام أبو بكر بن مجاهد المقري مع الشيخ ومضينا إلى دار الوزير وأجلسه مكانه فقص عليه الرجل قصته، فأمر الغلام بإخراج بَدْرَة (٢) فوزن منها مائة دينار، وقال:


(١) روى أبو داود في سننه [١٤٨١] عن فضالة بن عبيد قال: سمع رسول اللَّه رجلًا يدعو في صلاته لم يمجد اللَّه، ولم يصل على النبي فقال : "عجل هذا" ثم دعاه فقال له أو لغيره: "إذا صلى أحدكم، فليبدأ بتمجيد ربه والثناء عليه، ثم يصلي على النبي ثم يدعو بما شاء".
(٢) البَدْرَة: كيس فيه مقدار من المال يتعامل به، ويقدم في العطايا، ويختلف باختلاف العهود، جمعها: بِدَر.

<<  <  ج: ص:  >  >>