للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيها الشيخ صدقت، هذا كان سرًا بيني وبين اللَّه تعالى، فخذ هذه المائة لأنك رسول رسول اللَّه ، ووزن مائة أخرى وقال: هذه بشارتك بأن رسول اللَّه علم بأني أُصلي عليه، ووزن مائة أيضًا، وقال: هذه من أجل أنك تعنيت وجئت إليَّ مهنئًا، وجعل يزن مائة مائة حتى كمل ألفًا فقال له رجل: إني لا آخذ إلا ما أمرني به رسول اللَّه .

السابعة: يحكى أنه كان بمدينة بلخ رجل تاجر، وكان كثير المال، وله ابنان، فتوفي والدهما فقسَّم ابناه المال بينهما نصفين، وكان في الميراث ثلاث شعرات من شعر النبي (١) فأخذ كل واحد منهما واحدة، وبقيت بينهما واحدة، فقال أكبرهما لأخيه الأصغر: نجعل الشعرة الباقية نصفين، فقال الآخر: لا واللَّه بل هو أجل من أن يقطع شعره فقال الكبير: تأخذ هذه الشعرة بقسطك في الميراث؟ قال: نعم، فأخذ الكبير جميع المال، وأخذ الصغير الشعرات، وجعلها في جبينه، وكلما شاهدها صلى على النبي ، ثم بعد أيام فنى مال الكبير، وكثر مال الصغير، فلما توفي الصغير رآه بعض الصالحين في النوم، ورأى النبي فقال له: قل للناس: من كانت له إلى اللَّه ﷿ حاجة فليأت قبر فلان، فكان الناس يقصدون قبره حتى بلغ إلى أن صار كل من مرَّ على قبره راكبًا ينزل ويمشي راجلًا، وذلك من فضل الصلاة على النبي .

الثامنة: روي أن امرأة جاءت إلى الحسن البصري (٢) فقالت: يا شيخ، توفيت لي ابنة، وأريد أن أراها في النوم، فقال الحسن: صلي أربع ركعات واقرئي في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وسورة ألهاكم مرة وذلك بعد صلاة العشاء الآخرة، ثم اضطجعي وصلي على النبي حتى ترقدي، ففعلت فرأتها في المنام، وهي في العقوبة وعليها لباس من قطران (٣) ويداها مغلولة ورجلاها مسلسلة بسلاسل من نار، فلما انتبهت


(١) روى الترمذي في سننه [٣٦٣٥] كتاب المناقب، باب ما جاء في صفة النبي عن البراء قال: "ما رأيت من ذي لمة في حلة حمراء أحسن من رسول اللَّه ؛ له شعر يضرب منكبيه. . . . " الحديث.
(٢) الحسن بن يسار أبو سعيد البصري، الأنصاري، فقيه، ثقة فاضل مشهور، وكان يرسل كثيرًا ويدلس، قال البزار: كان يروي عن جماعة لم يسمع منهم فيتجوز ويقول حدثنا وخطبنا، يعني قومه الذين حدثوه وخطبوا بالبصرة، اخرج له الستة، وتوفي سنة [١١٠] وقد قارب الـ (٩٠) سنة.
(٣) قال تعالى: ﴿وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (٤٩) سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ﴾ قال ابن كثير: وقوله ﴿سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ﴾ [إبراهيم: ٤٩، ٥٠] أي ثيابهم التي يلبسونها من قطران، وهو الذي تهنأ به الإبل -أي تطلى- وكان ابن عباس يقول: القطران هو النحاس المذاب، وكذا روي عن مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والحسن وقتادة. تفسير ابن كثير [٢/ ٥٦١].

<<  <  ج: ص:  >  >>