للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففيه الحذر البليغ من إيذاء أحد منهم ودفع ما يتوقع من أدنى أذية لهم، وقمع كل مؤذ عنهم، وقد نبه على ذلك بما ذكر من القبض.

وروينا فيهما من حديث النعمان بن بشير مرفوعًا: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى" (١).

ففيه التوجع والتسلية والانقباض والقلق مما يقع بأحدهم مما الإنسان عاجز عن منعه ورفعه كما مثل بالجسد.

وروينا فيهما أيضًا من حديث أبي هريرة قال: "قبَّل النبي الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس (٢)، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبَّلت منهم أحدًا، فنظر إليه رسول اللَّه وقال: "لا يُرحم من لا يَرحم" (٣). وفيه التحنن والتلطف والتأنيث لأطفالهم بالقبلة وغيرها.

وروينا فيهما أيضًا من حديث عائشة قالت: "قَدِمَ ناس من الأعراب على رسول اللَّه فقالوا: تُقبلون صبيانكم؟ قال: "نعم" قالوا: كلنا واللَّه ما نُقَبِّل، فقال رسول اللَّه : "وأملك إن كان اللَّه نزع منكم الرحمة"" (٤).

وفيه رقَّة القلب ورحمته وتأثره لضعفهم بحيث يكون الباطن أشد من الظاهر.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه [٦٠١١] كتاب الأدب، [٢٧] باب رحمة الناس بالبهائم، ومسلم في صحيحه [٦٦ - (٢٥٨٦)] كتاب البر والصلة والآداب، [١٧] باب "تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم"، وأحمد في مسنده [٤/ ٢٧٠]، والبيهقي في السنن الكبرى [٤/ ٣٥٣]، والشجري في أماليه [٢/ ١٣٥، ١٥١]، والزبيدي في الإتحاف [١/ ٣٣٣، ٦/ ٢٥٣].
(٢) الأقرع بن حابس التميمي المجاشعي أحد المؤلفة قلوبهم وأحد الأشراف، أقطعه أبو بكر له ولعيينة بن بدر، فعطل عليهما عمر ومحا الكتاب الذي كتب لهما أبو بكر، وكانا من كبار قومهما، وشهد الأقرع مع خالد حرب أهل العراق وكان على المقدمة، وقيل إن عبد اللَّه بن عامر استعمله على جيش سيره إلى خراسان فأصيب هو والجيش بالجوزجان، وذلك في خلافة عثمان، وقال ابن دريد: اسمه فراس بن حابس بن عقال، ولقب بالأقرع لقرع برأسه. "تاريخ الإسلام للذهبي، وفيات [سنة ٢٣] ".
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه [٥٩٩٧] كتاب الأدب، [١٨] باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته.
ومسلم في صحيحه [٦٥ - (٢٣١٨)] كتاب الفضائل، [١٥] باب رحمته بالصبيان والعيال وتواضعه وفضل ذلك.
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه [٥٩٩٨] كتاب الأدب، [١٨] باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته.
ومسلم في صحيحه [٦٤ - (٢٣١٧)] كتاب الفضائل، [١٥] باب رحمته بالصبيان والعيال وتواضعه وفضل ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>