للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروينا فيهما من حديث جرير بن عبد اللَّه مرفوعًا: "من لا يرحم الناس لا يرحمه اللَّه" (١)، وفيه الرحمة الباعثة على المصالح، ولا أبلغ من هذا الترغيب والتهديد، فمن علم أن من لا يرحم لا يُرحم، احتاج إلى أن يرحمهم لاضطراره إلى ربه في كل نَفَسٍ، وعلى كل حال.

وروينا من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "إذا صلَّى أحدكم بالناس فليخفف؛ فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير" وفي لفظ "وذا الحاجة، وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء" (٢).

وفيه نوع من آثار الرحمة وهو تخفيف ما كلفوه، وتسهيل ما تقيدوا به من اقتداء في حال صلاة أو غيرها، فإن فيهم المعذور كما ذكر.

وروينا فيهما أيضًا من حديث عائشة قالت "إن رسول اللَّه ليدع العمل وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيُفرض عليهم" (٣).

وفيه الانفكاك عما يتوقع منه مشقة على أحد، كترك فعل يخشى أن يفرض على الناس لو لم يترك.

وروينا فيهما أيضًا من حديث عائشة قالث: "نهاهم النبي عن الوصال رحمة لهم، فقالوا: إنك تواصل؟ قال: "إني لست كهيئتكم؛ إني يطعمني ربي ويسقيني"" (٤)


(١) أخرجه البخاري في صحيحه [٧٣٧٦] كتاب التوحيد، [٢] باب قول اللَّه : ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ [الإسراء: ١١٠]، ومسلم في صحيحه [٦٦ - (٢٣١٩)] كتاب الفضائل، [١٥] باب رحمته بالصبيان والعيال وتواضعه وفضل ذلك، وأحمد في مسنده [٤/ ٣٥٨، ٣٦٠، ٣٦٢]، والحميدي في مسنده [٨٠٢، ٨٠٣]، والهيثمي في مجمع الزوائد [٤/ ١٧٨]، وأبو نعيم في حلية الأولياء [٧/ ٣٦٣].
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه [٧٠٣] كتاب الأذان، [٦٢] باب إذا صلى لنفسه فليطول ما شاء، ومسلم في صحيحه [١٨٥ - (٤٦٧)] كتاب الصلاة، [٣٧] باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام، وأبو داود [٧٩٤]، وأحمد في مسنده [٢/ ٢٧١]، والنسائي [٢/ ٩٤ - المجتبى]، والبيهقي في السنن الكبرى [٣/ ١١٧]، ومالك في الموطأ [١٣٤].
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه [٢/ ٦٢]، ومسلم في صحيحه [٧٧ - (٧١٨)] كتاب صلاة المسافرين وقصرها، [١٣] باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان وأكملها ثمان.
وأحمد في مسنده [٦/ ١٧٨].
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه [١٩٦٢] كتاب الصوم، [٤٨] باب الوصال، ومسلم في صحيحه [٥٥ - (١١٠٢)] كتاب الصيام، [١١] باب النهي عن الوصال في الصوم، وقال النووي: اتفق أصحابنا على النهي عن الوصال وهو صوم يومين فصاعدًا من غير أكل أو شرب بينهما، ونص الشافعي وأصحابنا على كراهته ولهم في هذه الكراهة وجهان، أصحهما: أنها كراهة تحريم، والثاني: كراهة تنزيه، وبالنهي عنه قال جمهور العلماء وقال القاضي عياض: اختلف العلماء في =

<<  <  ج: ص:  >  >>