للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسلم كربة فرج اللَّه عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره اللَّه يوم القيامة".

وقد اشتمل على بيان أنواع من الأذى كالظلم والمسلم المتقاعد عن حاجة يسهل قضاؤها وتفريج كربة وستر مسلم. (١)

وروينا في جامع الترمذي مُحَسَّنًا من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يكذبه ولا يخذله، كل المسلم على المسلم حرام، عرضه وماله ودمه، التقوى ههنا، بحسب امرئ من الشر أن يحتقر أخاه المسلم". (٢) وهو مشتمل على بيان أنواع أُخر من الأذى.

وروينا في صحيح مسلم (٣) من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد اللَّه إخوانًا، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، التقوى ههنا". (٤)


(١) قال النووي: في هذا فضل إعانة المسلم وتفريج الكرب عنه وستر زلاته، ويدخل في كشف الكربة وتفريجها من أزالها بماله أو جاهه أو مساعدته، والظاهر أنه يدخل فيه من أزالها بإشارته ورأيه ودلالته، وأما الستر المندوب إليه هنا فالمراد به الستر على ذوي الهيئات ونحوهم ممن ليس هو معروف بالأذى والفساد، فأما المعروف بذلك فيستحب أن لا يستر عليه بل ترفع قضيته إلى ولي الأمر إن لم يخف من ذلك مفسدة؛ لأن الستر على هذا يطمعه في الإيذاء والفساد وانتهاك الحرمات وجسارة غيره على مثل فعله، هذا كله في ستر معصية وقعت وانقضت، أما معصية رآه عليها وهو بعد متلبس بها فتجب المبادرة بإنكارها عليه ومنعه منها على من قدر على ذلك، ولا يحل تأخيرها فإن عجز لزمه رفعها إلى ولي الأمر إذا لم تترتب على ذلك مفسدة. "النووي في شرح مسلم [١٦/ ١١١] طبعة دار الكتب العلمية".
(٢) أخرجه الترمذي في سننه [١٩٢٧] كتاب البر والصلة، باب ما جاء في شفقة المسلم على المسلم، والهيثمي في مجمع الزوائد [٦/ ٢٨٣]، وآخره أخرجه أبو داود في سننه [٤٨٨٢] كتاب الأدب، باب في الغيبة.
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه [٣٢ - (٢٥٦٤)] كتاب البر والصلة والآداب، [١٠] باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وعرضه وماله، وأحمد في مسنده [٢/ ٢٧٧]، والبيهقي في السنن الكبرى [٦/ ٩٢، ٩٤، ٨/ ٢٥]، والألباني في إرواء الغليل [٨/ ٩٩]، والزبيدي في الإتحاف [٦/ ٢١٩، ٨/ ٥٠].
(٤) قوله : "التقوى ههنا" ويشير إلى صدره ثلاث مرات: معنى الرواية أن الأعمال الظاهرة لا يحصل بها التقوى وإنما تحصل بما يقع في القلب من عظمة اللَّه -تعالى- وخشيته ومراقبته، ومعنى نظر اللَّه هنا مجازاته ومحاسبته أي إنما يكون ذلك على ما في القلب دون الصور الظاهرة، ونظر اللَّه ورؤيته محيط بكل شيء. ومقصود الحديث أن الاعتبار في هذا كله بالقلب وهو من نحو قوله : "لا إن في الجسد مضغة. . . . " الحديث، قال المازري: واحتج بعض الناس بهذا الحديث على أن العقل في القلب لا في الرأس. "النووي في شرح مسلم [١٦/ ٩٩] =

<<  <  ج: ص:  >  >>