للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتسهيل الغروب عنها، وكيف ينبغي أن يكون الإنسان فيها وخاصة الزهد.

ومن أهله وما حالهم ومرتبة الدنيا عند اللَّه، وما لولاه لم يخلق وما يسقط الاعتبار منها، وأن الكافي منها قليل، والزائد مذموم مناف لمحبة الشارع، وذم الحرص وطول الأمل، ودلائل منازل الزهد، وذكر فوائده وموجباته ومجاريه.

وجماع ذلك أربعة وثلاثون حديثًا، وإن كانت أكثر من أن تحصى، وهذا الطرف ينبه على ما سواه.

الحديث الأول: حديث عمرو بن عوف الثابت في الصحيحين (١): "أن رسول اللَّه بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها، فقدم بمال من البحرين، فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة فَوَافَوْا صلاة الفجر مع رسول اللَّه ، فلما صلى انصرف، فتعرضوا له، فتبسم حين رآهم ثم قال: "أظنكم سمعتم أن أبا عبيدة قدم بشيء من البحرين؟ " فقالوا: أجل يا رسول اللَّه، قال: "فأبشروا وأملوا ما يسركم، فواللَّه ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم" (٢) وفيه أن شان الدنيا الإغراء بالتنافس والاتباع في الهلاك الديني والدنيوي بدليل من سلف".

الثاني: من حديث أبي سعيد الخدري الثابت في الصحيحين (٣) أيضًا قال: جلس رسول اللَّه على المنبر وجلسنا حوله فقال: "إن مما أخاف عليكم بعدي ما يُفتَحُ عليكم من زهرة الدنيا وزينتها".


(١) أخرجه البخاري في صحيحه [٤٠١٥] كتاب المغازي، باب [١٢] من شهود الملائكة بدرًا، ورقم [٦٤٢٥] كتاب الرقاق، [٧] باب ما يحذر من زهرة الدنيا والتنافس فيها، ورقم [٣١٥٨] كتاب الجزية والموادعة، [١] باب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب، ومسلم في صحيحه [٦ - (٢٩٦١)] كتاب الزهد والرقائق، في فاتحته، والترمذي في سننه [٢٤٦٢] كتاب صفة القيامة والرقائق والورع، باب [٢٨]، وابن ماجه في سننه [٣٩٩٧] كتاب الفتن، باب فتنة المال، وأحمد في مسنده [٤/ ١٣٧]، والمنذري في الترغيب والترهيب [٤/ ٨٠]، والتبريزي في مشكاة المصابيح [٤/ ٨٠]، والطبراني في المعجم الكبير [١٧/ ٢٦]، والزبيدي في إتحاف السادة المتقين [٨/ ٨٧].
(٢) تقدم تخريجه في أوله.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه [٦٤٢٧] كتاب الرقاق، [٧] باب ما يحذر من زهرة الدنيا والتنافس فيها، ومسلم في صحيحه [١٢٣ - (١٠٥٢)] كتاب الزكاة [٤١] باب تخوف ما يخرج من زهرة الدنيا، وأحمد في مسنده [٣/ ٢١]، والمنذري في الترغيب والترهيب [٤/ ١٨٣]، والزبيدي في الإتحاف [٨/ ٥٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>