للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه إرشاد إلى أن الدنيا جميع سرور العالم، إذ لا محذور ولا مخوف سواها.

الحديث الثالث: حديثه أيضًا الثابت في صحيح مسلم: أن رسول اللَّه قال: "إن الدنيا حلوة خضرة (١)، وإن اللَّه مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء". (٢)

وفيه تصريح بمقتضى ما قررناه، وفيه وما قبله أبلغ تحذير، وفيه بيان ما ينخدع به أبناء الدنيا، وأن استخلافهم فيها كرامة فيما ظنوه وليس ابتلاء.

الحديث الرابع: حديث أنس الثابت في الصحيحين مرفوعًا: "اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة" (٣).

وفيه ما يسلي عن الدنيا، ورغد عيشها؛ فإنه ليس بعيش حقيقي، والحقيقي هو الأخروي، وهذه اللفظة قالها في أشد حاليه وأشرها تزهيدًا وتصبيرًا.

الخامس: حديثه أيضًا في الصحيحين مرفوعًا: "يتبع الميت ثلاثة، فيرجع اثنان ويبقى معه واحد؛ يتبعه أهله وماله وعمله، فيرجع أهله وماله ويبقى عمله" (٤) أخرجاه.


(١) قوله : "إن الدنيا خضرة حلوة. . . . " إلى آخره، قال النووي: معناه تجنبوا الافتنان بها وبالنساء، وتدخل في النساء الزوجات وغيرهن، وأكثرهن فتنة الزوجات ودوام فتنتهن وابتلاء أكثر الناس بهن، ومعنى الدنيا خضرة حلوة يحتمل أن المراد به شيئان: أحدهما: حسنها للنفوس ونضارتها ولذتها كالفاكهة الخضراء الحلوة، فإن النفوس تطلبها طلبًا حثيثًا، فكذا الدنيا، والثاني: سرعة فنائها كالشيء الأخضر في هذين الوصفين، ومعنى مستخلفكم فيها: جاعلكم خلفاء من القرون الذين قبلكم، فبنظر هل تعملون بطاعته أم بمعصيته وشهواتكم. "النووي في شرح مسلم [١٧/ ٤٦] طبعة دار الكتب العلمية".
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه [٩٩ - (٢٧٤٢)] كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، [٢٦] باب أكثر أهل الجنة الفقراء وأكثر أهل النار النساء، وبيان الفتنة بالنساء، والترمذي [٢١٩١] كتاب الفتن، باب ما جاء ما أخبر النبي أصحابه بما هو كائن إلى يوم القيامة، وابن ماجه في سننه [٤٠٠٠] كتاب الفتن، باب فتنة النساء، وأحمد في مسنده [٦/ ٣٦٤]، والبيهقي في السنن الكبرى [٧/ ٦٩]، وأبو نعيم في حلية الأولياء [٧/ ٣١١]، والمنذري في الترغيب والترهيب [٤/ ١٨٤].
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه [٦٤١٣] كتاب الرقاق، [١] باب الصحة والفراغ ولا عيش إلا عيش الآخرة، ومسلم في صحيحه [١٢٦ - (١٨٠٤)] كتاب الجهاد والسير، [٤٤] باب غزوة الأحزاب وهي الخندق، والترمذي في سننه [٣٨٥٦]، [٣٨٥٧] كتاب المناقب، باب في مناقب أبي موسى الأشعري، وأحمد في مسنده [٣/ ١٧٢، ٢٧٦]، والبيهقي في السنن الكبرى [٧/ ٤٨، ٩/ ٣٩]، وأبو نعيم في حلية الأولياء [٢/ ٣٠١]، وعبد الرزاق في مصنفه [١٩٩٧٢]، والطبراني في المعجم الكبير [٦/ ٢٣٠]، والتبريزي في مشكاة المصابيح [٤٧٩٣].
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه [٦٥١٤] كتاب الرقاق، [٤٢] باب سكرات الموت، ومسلم في =

<<  <  ج: ص:  >  >>