للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخامس عشر: حديث ابن عمر قال: "أخذ رسول اللَّه بمنكبي فقال: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل"".

وكان ابن عمر يقول: "إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك" (١) أخرجه البخاري.

أي لا تركن إليها ولا تتخذها وطنًا، ولا تحدث نفسك بطول البقاء فيها، ولا بالاعتناء بها، ولا تتعلق منها بما لا يتعلق به الغريب في غير وطنه، ولا تشتغل فيها بما لا يشتغل به الغريب الذي يريد الذهاب إلى أهله.

وهذا بيان حال العاقل في دنياه، ولا أجمع من قوله: "كن" إلى آخره، فإن الغريب والمسافر لا يركن إلى غير مستقره، ولا يُعْنَى به، ولا يتخذه وطنًا، ولا يعلق قلبه بشيء منه كما أوضحناه.

السادس عشر: حديث سهل بن ساعد الساعدي قال: جاء رجل إلى رسول اللَّه فقال: يا رسول اللَّه، دُلَّني على عمل إذا أنا عملته أحبني اللَّه وأحبني الناس، فقال رسول اللَّه : "ازهد في الدنيا يحبك اللَّه، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس"". (٢) حديث حسن رواه ابن ماجه وغيره بأسانيد حسنة.

وفيه ذكر خاصية الزهد ولازمه، وهو محبة اللَّه للزاهد، ومحبة الناس له، وكفى بذلك ترغيبًا فيه ومدحًا له.

السابع عشر: حديث النعمان قال "ذكرت لعمر بن الخطاب ما أصاب الناس من الدنيا فقال: لقد رأيت رسول اللَّه يظل اليوم يلتوي ما يجد دَقَلًا يملأ


(١) أخرجه البخاري في صحيحه [٦٤١٦] كتاب الرقاق، [٣] باب قول النبي : "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل"، والترمذي في سننه [٢٣٣٣] كتاب الزهد، باب ما جاء في قصر الأمل، وابن ماجه [٤١١٤] كتاب الزهد، باب مثل الدنيا، والطبراني في المعجم الكبير [١٢/ ٣٩٩]، والطبراني في الصغير [١/ ٣٠]، والمنذري في الترغيب والترهيب [٤/ ٢٤٢]، والتبريزي في مشكاة المصابيح [٥٢٧٤]، وأبو نعيم في حلية الأولياء [١/ ٣١٣].
(٢) أخرجه ابن ماجه في سننه [٤١٠٢] كتاب الزهد، [١] باب الزهد في الدنيا، وقال في الزوائد: في إسناده خالد بن عمرو، وهو ضعيف متفق على ضعفه، واتهم بالوضع، وأورد له العقيلي هذا الحديث وقال: ليس له أصل من حديث الثوري، لكن قال النووي عقب هذا الحديث: رواه ابن ماجه وغيره بأسانيد حسنة، وأخرجه الحاكم في المستدرك [٤/ ٣١٣]، والطبراني في المعجم الكبير [٦/ ٢٣٧]، والتبريزي في مشكاة المصابيح [٥١٨٧]، وأبو نعيم في حلية الأولياء [٧/ ١٣٦]، والمنذري في الترغيب والترهيب [٤/ ١٥٦]، والزبيدي في الإتحاف [٨/ ٣٠٩]، والسيوطي في الدر المنثور [٣/ ٢٣٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>