للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: يا رسول اللَّه، واللَّه إني لأحبك. فقال: "انظر ما تقول" قال: واللَّه إني لأحبك. فقال: "انظر ما تقول" قال: واللَّه إني لأحبك، ثلاث مرات. فقال: "إن كنت تحبُّني فاعد للفقر تِجفافا، فإن الفقر أسرع إلى من يحبني من السيل إلى منتهاه" (١) رواه الترمذي وقال: حسن.

التِجفاف: بكسر التاء المثناة فوق، وإسكان الجيم وبالفاء المكررة هو الشيء يلبسه الفرس ليتقي به الأذى، وقد يلبسه الإنسان. وذلك مؤذن بالتنافس بين الدنيا ومحبة الشارع. فإن من خاص محبته زوال رأس كل خطيئة.

التاسع بعد العشرين: من حديث كعب بن مالك مرفوعًا: "ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه" (٢) رواه الترمذي وقال: حسن صحيح. وفيه ذم الحرص على المال والشرف، وهما ركنا الدنيا، ومنافاتهما للدين وإفسادهما له لائح.

الثلاثون: حديث عبد اللَّه بن مسعود قال: "نام رسول اللَّه على حصير، فقام وقد أثر في جنبه، فقلنا: يا رسول اللَّه، لو اتخذنا لك وطاء، فقال: "ما لي وللدنيا، ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها" (٣) رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.

وهو مشتمل على دلائل الزهد، وهو أن لا يخطر بالبال أدوات الدنيا كنومه على حصير ولم يطلب وطاء، وأن لا تميل النفس إلى قبولها إذا عرضت عليه كما قال: "ما لي وللدنيا وأن يكون أمل الزهد قصير كقوله: "إنما أنا في الدنيا" إلى آخره، فلا كان الحرص ولا طول الأمل، لقد أوقعاني في كل رداء وهلكة.

الحادي بعد الثلاثين: حديث أبي هريرة مرفوعًا: "يدخل الفقراء الجنة قبل


(١) أخرجه الترمذي في سننه (٢٣٥٠) كتاب الزهد، باب ما جاء في فضل الفقر، والقاضي عياض في الشفا (٢/ ٦٥)، والزبيدي في إتحاف السادة المتقين (٩/ ٥٤٨).
(٢) أخرجه الترمذي في سننه (٢٣٧٦) كتاب الزهد، باب [٤٣] والنسائي في الكبرى، في الرقائق، وأحمد في مسنده (٣/ ٤٥٦، ٤٥٧)، وابن أبي شيبة في مصنفه (١٣/ ٢٤١)، والزبيدي في الإتحاف (٨/ ١٤٤، ١٤٥)، والمنذري في الترغيب والترهيب (٢/ ٥٤٠، ٥٤٨)، والتبريزي في مشكاة المصابيح (٥١٨١).
(٣) أخرجه الترمذي في سننه (٢٣٧٧) كتاب الزهد، باب [٤٤]، وابن ماجه في سننه (٤١٠٩) كتاب الزهد، [٣] باب مثل الدنيا، وأحمد في مسنده (١/ ٣٩١)، والمنذري في الترغيب والترهيب (٤/ ١٩٨)، والشجري في أماليه (٢/ ٢٠٨)، وأبو نعيم في حلية الأولياء (٢/ ١٠٢). وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>