للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأزواجك الباقين، كيف لا يعتبرون بالماضين كيف تهلكينهم واحدًا بعد واحد، فلا يكونون منك على حذر. (١)

الحكاية الثالثة: قال الفضيل : بلغني أن رجلًا عرج بروحه في المنام، فرأى امرأة على قارعة الطريق عليها من كل زينة الحلي والثياب، وإذا بها لا يمر بها أحد إلا جرحته، فإذا أدبرت كانت أحسن الناس عجوزًا زرقاء شمطاء عمشاء، قال: فقلت لها: نعوذ باللَّه منك، فقالت: لا واللَّه لا يعيذك اللَّه حتى تبغض الدرهم (٢) قلت: من أنت؟ قالت: أنا الدنيا.

الحكاية الرابعة: روي عن عبد اللَّه بن مسعود قال: يؤتى بالعبد يوم القيامة فيقال له: أدّ أمانتك فيقول: من أين يا رب؟ قد ذهبت الدنيا، فتمثل له الدنيا على هيأتها يوم أخذها في قعر جهنم، فينزل فيأخذها فيضعها على عاتقه، فيصعد بها، حتى إذا ظن أنه خرج بها هوت وهوى في أثرها أبد الآبدين.

الحكاية الخامسة (٣): قال طلحة بن يحيى: حدثتني جدتي بنت عوف قالت: دخلت على طلحة فرأيته مغمومًا، فقلت: ما شأنك؟ قال: إن المال الذي عندي قد كثر وأكربني، فقلت: ما عليك؛ اقسمه، فقسّمته حتى ما بقي درهم، قال طلحة بن يحيى: فسألت خازن طلحة كم كان المال؟ قال: أربعمائة ألف.

الحكاية السادسة: قال أنس: بينما عائشة في بيتها إذ سمعت صوتًا رجَّت منه المدينة، فقالت: ما هذا؟ قالوا جِمَال قدمت لعبد الرحمن بن عوف، وكانت سبعمائة راحلة فقالت عائشة: أما إني سمعت رسول اللَّه يقول: "رأيت عبد الرحمن بن


(١) في الزهد في الدنيا: روى البخاري في صحيحه (٦٤١٦) في الرقاق، باب قول النبي : "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل"، عن ابن عمر، وفيه: "وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك".
(٢) في فتنة المال: روى البخاري في صحيحه (٦٤٣٥) كتاب الرقاق [١٠] باب ما يتقى من فتنة المال، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه : "تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط لم يرض".
(٣) روى هذه القصة بطريق آخر الذهبي في تاريخ الإسلام، وفيات سنة (٣٦) وفيه: "قال أبو إسماعيل الترمذي بسنده عن موسى بن طلحة أن اباه أتاه مال من حضرموت سبعمائة ألف، فبات ليته يتململ، فقالت له زوجته: ما لك؟ فقال تفكرت فقلت: ما ظن رجل بربه يبيت وهذا المال في بيته، قالت: فأين أنت عن بعض أخلائك، فإذا أصبحت فاقسمها، فقال: إنك موفقة. وهي أم كلثوم بنت الصديق - فقسمها بين المهاجرين والأنصار، فبعث إلى علي منها وأعطى زوجته ما فضل، فكان نحو ألف درهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>