للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنشدوا (١):

أيها السائل العباد ليُعطى … إن للَّه ما بأيدي العباد

فاسأل اللَّه ما طلبت إليهم … وارج فضل المقسِّم العوَّاد

الثالثة: قال يوسف بن أحمد البغدادي: حججت أنا وأبو سليمان، فبينا نحن نسير إذا سقطت السطحية منى، وكان برد عظيم.

فلما افتقدت السطحية قلت: يا أبا سليمان بقينا بلا ماء، فقال: سلِّم وصل على محمد وقل: يا رادَّ الضالة، ويا هاديا من الضلالة أردد الضالة وإذا بواحد ينادي: من ذهب له سطحية؟، فأخذتها منه.

فقال أبو سليمان: تراه يتركنا بغير ماء؟!

فبينا نحن نسير وإذا برجل عليه طمران (٢) رثان وقد تدرعنا بالفراء من شدة البرد وهو يرشح عرقا.

فقال أبو سليمان: "ألا نعطيك شيئا من ثيابنا" فقال: "يا داراني الحر والبرد خلقان للَّه أن يأمرهما أن يغشياني أصاباني وإن أمرهما أن يتركاني تركاني".

يا داراني تصف الزهد وتخاف من البرد، أنا في هذه البرية من ثلاثين سنة ما انتفضت ولا ارتعدت، يلبسني في البرد فيحا من محبته، ويلبسني في الصيف مذاق برد محبته.

نادرة: قال جعفر الخلدي: ودعت المزين الصوفي فقلت له: زوِّدني شيئا، فقال: إن ضاع منك شيء (٣) أو أردت أن يجمع اللَّه بينك وبين إنسان فقل: يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه اجمع بيني وبين كذا، فإن اللَّه يجمع بينك وبين ذلك الشيء أو ذلك الإنسان، فما دعوت بها في شيء إلا استجيب.

الرابعة: قال الشيخ أبو بكر الفرغاني: كنت أدفع على شدة الفاقة أياما كثيرة، وربما كنت أسقط مغشيا عليَّ، وكنت حينئذ قليل الدراية.


(١) قال الواحدي : أنشدنا الأستاذ أبو إسحاق الثعلبي :
وإني لأدعو اللَّه والأمر ضيق … علي فما ينفك أن ينفرجا
ورب فتى سدت عليه وجوهه … أصاب له في دعوة اللَّه مخرجا
(٢) الطمر: الثوب الخلق البالي، جمعها: أطمار.
(٣) روى ابن أبي شيبة في مصنفه [١٣٤٤٢] عن ابن عمر في الضالة يتوضأ ويصلي ركعتين ويتشهد ويقول: "بسم اللَّه يا هادي الضال وراد الضالة، اردد علي ضالتي بعزتك وسلطانك فإنها من عطائك وفضلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>