قال: لا يحتمل إيمانك ذلك.
فلما صلينا العشاء قال لي: تأكل؟
فقلت: نعم.
قال: ادخل داخل الكهف فكل ما تجد، فدخلت فوجدت صخرة عليها زبيب وجوز وخرنوب وتفاح وتين وحبة الخضراء، كل واحد من ذلك ناحية فأكلت منه ما أردت.
فلما كان وقت السحر أوتر، وذلك أنه لم ينم في ليلته، ثم أكل مما هناك وصليت حتى صلينا الفجر فنام وهو جالس إلى أن طلعت الشمس نحو رمحين.
ثم قام فتوضأ ودخل الكهف، فقلت له من أين هذه الفاكهة؟ فما رأيت أطيب منها.
فقال سترى ذلك معاينة.
فدخل طائر جناحاه أبيضان، وصدره أحمر ورقبته خضراء، وفي منقاره حبة زبيب، وبين رجليه جوزة، فوضع الزبيبة على الزبيب، والجوزة على الجوز.
فلما أحسن بجناحه قال لي: رأيته؟
قلت: نعم.
قال: هذا الطائر يأتيني بهذه الفاكهة منذ ثلاثين سنة.
فقلت: كم يتردد إليك في اليوم؟
قال: سبع مرات.
فعددت فإذا به تردد خمسة عشر مرة، فعرَّفته ذلك، فقال: قد زادك مرة، واجعلنا في حل. ورأيت عليه من اللباس من لحاء شجر يشبه الموز، فقلت له: من أين لك هذا؟
فقال: يأتيني هذا الطائر في كل يوم عاشوراء بقشر قطع من هذا اللحاء، فأسوِّي منه قميصًا ومئزرا وكانت عنده مسلَّة يخيط بهاء اللحاء.
ورأيت بجنبه مما قد خلق من ذلك معروشًا.
ورأيت عنده حجرا يصب عليه الماء، ثم يأخذ الماء الذي ينزل منه فيسمح به الشعر الذي ينبت عليه فيحلقه.
فكنت عنده جالسا فدخل عليه سبعة نفر أعينهم مشقوقة بالطول حمر، وكانت ثيابهم شعورهم فقال لي: بالفارسية لا تفزع منهم، فهم من مسلمي الجن.
فقرأ عليه أحدهم سورة طه والآخر سورة الفرقان وآخر يُلقَّن من سورة الرحمن آيات.