للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم خرجوا وسمعته وهو ساجد يقول في سجوده: اللهم مُنَّ علىَّ بإقبالي عليك، والإصغاء إليك واتصالي بك والفهم عنك والبصيرة في أمرك والنفاذ في خدمتك، وحسن الأدب في معاملتك، ورفع صوته.

فقلت له: من أين هذا الدعاء؟

فقال: أُلْهمته، ولقد كنت أدعو به في بعض الليالي، فسمعت هاتفًا بي يقول: إذا دعوت بهذا الدعاء ففخم فإنه مستجاب.

فأقمت عنده أربعة وعشرين يوما ثم قال لي حدثني بقصتك كيف وصلت علي ههنا؟ فحدثته، وقال لي: لو علمت أن قصتك هذه ما تركتك عندي هذه المدة لأنك قد شغلت قلوب إخوانك، وقد ندموا على ما فرطوا في أمرك ورجوعك إليهم أفضل من مقامك عندي.

فقلت له: إني لا أعرف الطريق.

فسكت، فلما كان وقت الزوال قال لي: قم حتى تمضي.

فقلت له: أوصني وصية.

فقال: عليك بالجوع، وحسن الأدب، فإني أرجو لك أن تلحق بالقوم، وأهدي لك هدية أيضا.

اطلب يوم الزيادة بعد العصر بين زمزم والمقام رجلا وصفه لي.

ثم قال لي: إذا لقيته فاقرأ عليه السلام واسأله أن يدعو لك.

ثم خرج من الكهف وأنا معه، فإذا بسبع قائم على باب الكهف، فتكلم معه بكلام لم أفهمه ثم قال لي: اتبعه فإذا وقف فانظر عن يمينك أو يسارك فإنك تجد الطريق.

فسار السبع أمامي ساعة.

ثم وقف فنظرت عن يميني، فإذا أنا على عتبة دمشق، فدخلت الجامع فلقيت بعض من كان معنا فحدثتهم الحديث، وخرجنا جميعا ومعنا خلق كثير حتى صرنا إلى ذلك الجبل وذلك الموضع بعينه، فطلبنا الكهف ثلاثة أيام فلم نجده.

فقالوا لي: هذا شيء كشف لك وغطى عنا، فكنت أحج كل سنة وألتمس الرجل الذي وصفه لي فما كنت أراه.

حتى كان بعد ذلك بثمان سنين رأيته على الصفة والمكان، فسلَّمت عليه فرد السلام، فسألته الدعاء، فدعا لي بدعوات.

فقلت له: إن إبراهيم الكرماني يقرئك السلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>