قال: نعم، الساعة دفنته عند إخوتي في الغار الذي كان فيه، وصلينا عليه. فبينا نحن نغسله إذا بالطائر الذي كان يأتيه بقوته قد سقط فلم يزل يضرب بجناحيه حتى مات.
فدفناه عند رجليه.
ثم قام الرجل فدخل في الطواف فلم أره بعد ذلك رحمه اللَّه تعالى.
الثانية عشرة: قال بعضهم أدركتني ضائقة وخوف شديد، فخرجت هائما، فسلكت طريق مكة بلا زاد ولا راحلة. فمشيت ثلاثة أيام، فلما كان في الرابع اشتد بي العطش والحر، وخفت على نفسي التلف ولم أجد في البرية شجرة استظل بها، فوكلت أمري إلى اللَّه، واستقبلت القبلة، فغلبتني عيناي وأنا جالس فرأيت شخصًا في المنام فصافحني وقال: أبشر أنت تسلِّم وتصل إلى بيته الحرام وتزور قبر نبيه ﷺ.
فقلت له: من أنت؟
فقال: أنا الخضر.
فقلت له: ادع لي.
فقال: يا لطيف بخلقه، يا خبير بخلقه، ألطف بي يا لطيف يا عليم يا خبير ثلاث مرات.
فقلت ذلك.
فقال: هذه تحفة بها غنى الأبد، فإذا لحقتك ضائقة أو نزل بك نازلة فقلها، تكفي وتشفى ثم غاب عني وأنا أسمع شخصا ينادي: يا شيخ يا شيخ، فانتبهت.
فإذا برجل راكب على راحلة فقال لي: يا هذا رأيت لي شابا صفته كذا وكذا؟
فقلت: لا.
فقال: خرج شاب من أهلنا منذ سبعة أيام، وأخبرنا أنه توجه إلى الحج.
ثم قال لي: إلى أين تقصد؟
فقلت: حيث ما شاء اللَّه، فأناخ راحلته ونزل عنها، ومد يده على جراب فأخرج منه قرصي سميد وبينهما حلوى، ونزل بسطحية مملوءة ماء.