للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروينا من حديث أبي مسعود قال: كنت اضرب غلاما لي بالسوط، فسمعت صوتا من خلفي: "اعلم أبا مسعود" فلم أفهم الصوت من الغضب فلما دنا مني إذ هو رسول اللَّه فإذا هو يقول: "اعلم أبا مسعود أن اللَّه أقدر عليك منك على هذا الغلام" فقلت: لا أضرب مملوكا بعده أبدا (١).

وفي رواية: "فسقط السوط من يدي من هيبته" (٢).

وفي رواية: فقلت: يا رسول اللَّه هو حر لوجه اللَّه، فقال: "أما لو لم تفعل للفحتك النار، أو لمستك النار" (٣).

أخرجه مسلم بهذه الروايات كلها.

وافهم أنه لا فرق في المعذب بين بدري وغيره، ملكه وغيره، ولا في المعذب بين غلام وجارية، ولا في العذاب بين ضرب وغيره.

وأن جزاءه أن تلفح النار من لم يعتقه.

وفي قوله: "إن اللَّه أقدر عليك منك على هذا الغلام" (٤).

تذكير بليغ وعبره وموعظة رادعة، وتهديد زاجر.

وروينا من حديث ابن عمر مرفوعًا: "من ضرب غلاما له حدًّا لم يأته أو لطمه كان كفارته أن يعتقه" (٥). أخرجه مسلم.

وروينا من حديث هشام بن حكيم بن حزام أنه مرَّ بالشام على أناس من الأنباط، وقد أُقيموا في الشمس، وصب على رؤوسهم الزيت.


(١) أخرجه مسلم في صحيحه [٣٤ - (١٦٥٩)] كتاب الأيمان، [٨] باب صحبة المماليك وكفارة من لطم عبده. وأبو داود في سننه [٥١٥٩] كتاب الأدب باب في حقوق المماليك.
والترمذي في سننه [١٩٤٨] كتاب البر والصلة، باب النهي عن ضرب الخدم وشتمهم، وأحمد في مسنده [٤/ ١٢٠]، والبيهقي في السنن الكبرى [٨/ ١٠]، والمنذري في الترغيب والترهيب [٣/ ٢١١]، وأبو نعيم في حلية الأولياء [٤/ ٢١٨].
(٢) انظر ما تقدم قبل هذا.
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه [٣٥ - (١٦٥٩)] كتاب الأيمان، [٨] باب صحبة المماليك وكفارة من لطم عبده.
(٤) قول : "أعلم أبا مسعود أن اللَّه أقدر عليك منك على هذا الغلام" قال النووي: فيه الحث على الرفق بالمملوك والوعظ والتنبيه على استعمال العفو وكظم الغيظ والحكم كما يحكم اللَّه على عباده. [النووي في شرح مسلم [١١/ ١٠٩] طبعة دار الكتب العلمية].
(٥) أخرجه مسلم في صحيحه [٣٠ - (١٦٥٧)] كتاب الأيمان، [٨] باب صحبة المماليك وكفارة من لطم عبده. وأحمد في مسنده [٢/ ٤٥]، والمنذري في الترغيب والترهيب [٣/ ٢١١]، والبخاري في الأدب المفرد [١٨٠]، والتبريزي في مشكاة المصابيح [٣٣٥٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>