للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد اللَّه: بل ائتيه أنت (١). قالت: فانطلقت فإذا امرأة من الأنصار بباب رسول اللَّه حاجتي حاجتها، قالت: وكان رسول اللَّه قد ألقيت عليه المهابة. قالت فخرج علينا بلال فقلنا له: ائت رسول اللَّه فأخبره أن امرأتين بالباب تسألانك: أتجزي الصدقة عنهما على أزواجهما وعلى أيتام في حجورهما؟ ولا تخبره من نحن (٢). قالت: فدخل بلال على رسول اللَّه فسأله، فقال له رسول اللَّه : "من هما؟ " فقال إمرأة من الأنصار وزينب. فقال رسول اللَّه : "أي الزيانب؟ " قال: امرأة عبد اللَّه. فقال له رسول اللَّه : "لهما أجران: أجر القرابة وأجر الصدقة" (٣). وفيه أن أجر التصدق لبس بمانع من الصلة بالصدقة حتى يتوقف عنها في أولي الأرحام.

وروينا في صحيح مسلم من حديث أبي ذر مرفوعًا: "إنكم ستفتحون أرضًا يذكر فيها القيراط، فاستوصوا بأهلها خيرا، فإن لهم ذمة ورحما" وفي لفظ: ستفتحون مصر، وهي أرض يسمى فيها القيراط، فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها" أو قال: "ذمة وصهرا" (٤). ومعنى الرحم الذي لهم كون هاجر أم إسماعيل منهم. والصهر كون مارية أم إبراهيم ابن رسول اللَّه منهم، ففيه أن محل الصلة كل رحم قرب أو بعد (٥)،


(١) هي زينب بنت معاوية، ويقال: زينب بنت عبد اللَّه بن أبي معاوية الثقفية، زوج عبد اللَّه بن مسعود، صحابية ولها رواية عن زوجها. أخرج لها أصحاب الكتب الستة، ترجمتها: تهذيب التهذيب (١٢/ ٤٢٢)، والتقريب (٢/ ٦٠٠)، الثقات (٣/ ١٤٥)، أسد الغابة (٧/ ١٣٤)، الإصابة (٧/ ٦٨١)، أعلام النساء (٢/ ١١٥).
(٢) قال النووي: قولهما: "ولا تخبر من نحن" ثم أخبر بهما، قد يقال: إنه إخلاف للوعد وإفشاء للسر، وجوابه أنه عارض ذلك جواب رسول اللَّه وجوابه واجب محتم لا يجوز تأخيره، ولا يقدم عليه غيره. وقد تقرر أنه إذا تعارضت المصالح بدئ بأهمها. [النووي في شرح مسلم (٧/ ٧٦) طبعة دار الكتب العلمية].
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه (١٤٦٦)، كتاب الزكاة [٥٠] باب الزكاة على الزوج والأيتام في الحجر. ومسلم في صحيحه [٤٥ - (١٠٠٠)] كتاب الزكاة [١٤] باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد والوالدين ولو كانوا مشركين. والنسائي (٥/ ٩٣ - المجتبى). وأحمد في مسنده (١/ ٣٧٦، ٢/ ٣٧٣، ٣/ ٥٠٢). وابن خزيمة في صحيحه (٢٤٦٣)، وابن أبي شيبة في مصنفه (٣/ ١١٠، ١١١)، والمنذري في الترغيب والترهيب (٢/ ٣٥)، والتبريزي في مشكاة المصابيح (١٩٣٤).
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه [٢٢٦ - (٢٥٤٣)] كتاب فضائل الصحابة، [٥٦] باب وصية النبي بأهل مصر، والبيهقي في السنن الكبرى (٩/ ٢٠٦)، والطحاوي في مشكل الآثار (٢/ ١٠٢، ٣/ ١٢٤)، وابن كثير في البداية والنهاية (٦/ ٢١٩).
(٥) قال العلماء: القيراط جزء من أجزاء الدينار والدرهم وغيرهما، وكان أهل مصر يكثرون من استعماله والتكلم به، وأما الذمة فهي الحرمة والحق، وهي هنا بمعنى الذمام، وأما الرحم فلكون هاجر أم إسماعيل منهم، وأما الصهر فلكون مارية أم إبراهيم منهم، وفيه معجزات ظاهرة لرسول =

<<  <  ج: ص:  >  >>