للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمراء بعدنا" (١). أخرجه مسلم. آذنت. بمد الألف: أعلمت. وقوله: بصُرم؛ هو بضم الصاد المهملة: المنقطعة السريعة. وقوله: يتصابُّها؛ هو بتشديد الباء قبل الهاء، أي يجمعها. والكظيظ: الكثير الممتليء. وقَرِحت: بفتح القاف وكسر الراء، أي صار فيها قروح. وفيه فائدة رابعة وهو ما يشعر به الجوع من معنى، ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ﴾ (٢) فلو لم تقرح أشداقهم ما صاروا أُمراء الأمصار، فيصير أهل الفاقة يملكون مفاتيح الخير؛ فالصبر مفتاح الفرج ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ﴾ (٣) الآية. وللَّه الحمد.

تاسعها: حديث أبي موسى الأشعري قال: "أخرجت لنا عائشة كساء وإزارًا غليظًا، قالت: قُبض رسول اللَّه في هذين" (٤) أخرجاه. ففائدة تقلل السادات سلوة الضعيف وانجبار المكسور، وقد قال الأئمة: حُرِّمت أواني النقدين لكسر قلوب الفقراء.

عاشرها: حديث سعد بن أبي وقَّاص: "إني لأول العرب رمى بسهم في سبيل اللَّه، ولقد كنا نغزو مع رسول اللَّه ما لنا طعام نأكله إلَّا ورق الحُبْلة وهذا السمر، حتى إن أحدنا ليضع كما تضع الشاة ما له خِلْط" (٥) أخرجاه. والحُبْلة بضم الحاء المهملة وإسكان الباء الموحدة، وهي والسمر نوعان معروفان من شجر البادية. وفيه أن اعتياد الخشونة تسهل العزبة في طلب محاب اللَّه ومراضيه، وأما الترفه


(١) أخرجه مسلم في صحيحه [١٤ - (٢٩٦٧)] كتاب الزهد والرقائق في مقدمته. وحديث: "ما بين مصراعين من مصاريع الجنة أربعون سنة" أخرجه أحمد في مسنده (٣/ ٢٩)، والهيثمي في مجمع الزوائد (١٠/ ٣٩٧)، والزبيدي في الإتحاف (١٠/ ٥٢٧)، والسيوطي فى الدر المنثور (٥/ ٣٤٣).
(٢) سورة القصص (٥).
(٣) سورة الأنفال (٢٦).
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه (٥٨١٨) كتاب اللباس، [١٩] باب الأكسية والخمائص، ومسلم في صحيحه [٢٤ - (٢٠٨٠)]، [٣٥] كتاب اللباس، [٦] باب التواضع في اللباس والاقتصار على الغليظ منه واليسير في اللباس والفراش وغيرهما. قال النووي: هذه الأحاديث المذكورة في الباب ما كان عليه النبي من الزهادة في الدنيا والإعراض عن متاعها وملاذها وشهواتها وفاخر لباسها ونحوه، واجتزائه بما يحصل به أدنى التجزئة في ذلك كله، وفيه الندب للاقتداء به في هذا وغيره.
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه (٣٧٢٨) كتاب فضائل أصحاب النبي [١٤] باب مناقب سعد بن أبي وقاص الزهري، ورقم (٦٤٥٣) كتاب الرقاق، [١٧] باب كيف كان عيش النبي وأصحابه وتخليهم من الدنيا، ومسلم في صحيحه [١٢ - (٢٩٩٦)] كتاب الرقائق في مقدمته، والترمذي في سننه (٢٣٦٦) كتاب الزهد [٣٩] باب ما جاء في معيشة أصحاب النبي .

<<  <  ج: ص:  >  >>