للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرهن، والدين عديل الكفر مع تشديدات فيه شهيرة.

الخامس عشر: حديث أنس قال: "رهن رسول اللَّه درعه بشعير، ومشيت إلى النبي بخبز شعير وإهالة سنِخة، ولقد سمعته يقول: "ما أصبح لآل محمد إلَّا صاع ولا أمسى، وإنهم لتسعة أبيات"." (١) أخرجه البخاري. الإهالة. بكسر الهمزة: الشحم الذائب. والسنخة بالنون والخاء المعجمة، وهي المتغيرة. وفيه ما يؤدي إليه من رقة قلوب الأحباب المولهة بحيث يسهل في حبها مواجهة الكبير بخبز الشعير وإهالة سنخة، ولولا عاقبتها المحمودة. كما تقدم. لما حمدت مصابرتها ولا مصابرة واحد من ذلك.

السادس عشر: حديث أبي هريرة قال (٢): "لقد رأيت سبعين من أصحاب الصُّفَّة ما منهم رجل عليه رداء، إما إزار وإما كساء قد ربطوا في أعناقهم، فمنها ما يبلغ نصف الساقين ومنها ما يبلغ الكعبين فيجمعه بيده كراهية أن ترى عورته". أخرجه البخاري. وفيه بيان سهولة الأمر مع القوت، فأي محذور نال أصحاب الصفة في فقدهم الأردية بعد أن وجدوا سدادًا من عيش؟

السابع عشر: حديث عائشة قالت: "كان فراش رسول اللَّه من أدم وحشوُهُ من ليف" (٣) رواه البخاري.

الثامن عشر: حديث ابن عمر: "كنا جلوسا مع رسول اللَّه إذ جاءه رجل من الأنصار فسلم عليه ثم أدبر الأنصاري، ثم قال رسول اللَّه : "يا أخا الأنصار، كيف أخي سعد بن عبادة؟ " فقال: صالح. فقال رسول اللَّه : "من يعوده منكم؟ " فقام وقمنا معه ونحن بضعة عشر ما علينا نعال ولا خفاف ولا قلانس ولا قُمُص (٤)،


= مصنفه (٦/ ٥٧٥) والبيهقي في السنن الكبرى (٣٧١٦)، وفي دلائل النبوة (٧/ ٢٧٤).
(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٢٥٠٨) كتاب الرهن [١] باب في الرهن في الحضر وقول اللَّه ﷿: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾ [البقرة: ٢٨٣]، والبيهقي في السنن الكبرى (٦/ ٣٦)، وأبو نعيم في حلية الأولياء (٦/ ٢٨٠).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه (٤٣٢) كتاب الصلاة، [٥٨] باب نوم الرجل في المسجد، وروى البخاري تعليقا في الباب: وقال عبد الرحمن بن أبي بكر: كان أصحاب الصفة الفقراء.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه (٦٤٥٦)، كتاب الرقاق [١٧] باب كيف كان عيش النبي وأصحابه وتخليهم من الدنيا، وأحمد في مسنده (٧/ ٧٣).
(٤) قوله: "ما علينا نعال ولا خفاف ولا قلانس ولا قمص" فيه ما كانت الصحابة من الزهد في الدنيا والتقلل منها وإطراح فضولها وعدم الاهتمام بفاخر اللباس ونحوه، وفيه جواز المشي حافيا وعيادة الإمام والعالم المريض مع أصحابه. [النووي في شرح مسلم (٦/ ٢٠١) طبعة دار الكتب العلمية].

<<  <  ج: ص:  >  >>