للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرابعة: قوله تعالى: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (٩٦) فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا﴾ (١) يعنى مباركًا كثير الخير، وهذي متعبدهم وقبلتهم.

وقوله: ﴿فِيهِ﴾ أي في شأنه و ﴿مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ﴾ [البقرة: ١٢٥] (٢) عطف بيان على آيات وقيل: إن الآيات: المقام والأمن، ومن آياته وقع هيبته في القلوب، وخشوع القلب عنده، وجريان الدموع لديه، وامتناع الطير من العلو والجلوس عليه، إلا أن يكون مريضًا فيجلس عليه مستشفيًا والحجر الأسود وحفظه وائتلاف الظباء والسباع فيه، وتتبعها في الحل، فإذا دخلت الحرم تركها.

والغيث إذا عم البيت كان عامًا، وإذا كان في جهة منه خصها، ولا يجيء سيل من الحل فيدخل الحرم، وإنما يخرج منه إلى الحل.

والجمار كل سنة على كثرتها تمتحق، ولا يؤذي في منى ذباب ولا حدأة.

واتساعها للخلق مع ضيقها، وتعجيل العقوبة لمن غشى كأصحاب الفيل (٣).

وقوله ﴿وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا﴾ [آل عمران: ٩٧] (٤) معناه من دخل على الصفا حصل على الوفا.

وقيل من دخله مع الشارع في عمرة القضاء.

قال تعالى: ﴿لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ﴾ (٥) الآية.


= والطبراني في المعجم الكبير (١١/ ١٦٢) وذكره الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة (٦٨٠).
(١) سورة آل عمران (٩٦، ٩٧).
(٢) قوله تعالى ﴿فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ﴾ [آل عمران: ٩٧] أى: دلالات ظاهرة أنه من بناء إبراهيم وأن اللَّه عظمه وشرفه ثم قال تعالى: ﴿مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ﴾ يعني الذي لما ارتفع البناء استعان به على رفع القواعد منه، والجدران حيث كان يقف عليه ويناوله ولده إسماعيل وقد كان ملتصقًا بجدار البيت حتى أخره عمر بن الخطاب في إمارته إلى ناحية الشرق بحيث يتمكن الطواف منه ولا يشوشون على المصلين عنده بعد الطواف. [تفسير ابن كثير (١/ ٣٨٤)].
(٣) قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (١) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (٢) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (٣) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (٤) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (٥)﴾، وهذه من النعم التي امتن اللَّه بها على قريش فيما صرف عنهم من أصحاب الفيل الذين كانوا قد عزموا على هدم الكعبة ومحو أثرها من الوجود فأبادهم اللَّه وأرغم آنافهم وخيب سعيهم وأضل عملهم وردهم بشر خيبة.
(٤) يعني حرم مكة إذا دخله الخائف يأمن من كل سوء، وكذلك كان الأمر في حال الجاهلية كما قال الحسن البصري وغيره: كان الرجل يقتل فيضع في عنقه صوفة ويدخل الحرم فيلقاه ابن المقتول فلا يهيجه حتى يخرج.
(٥) سورة الفتح (٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>