للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اقض دين مدين، فرِّج عن مكروب، فسكت. قال: مالك؟ قال: ما أريد إلا الحج. قال: إنما تريد أن تركب وتجئ (١)، ويقال: قد حج فلان.

ويروى مرفوعًا: "يأتي على الناس زمان يحج أغنياء أمتي للنزهة، وأوساطهم للتجارة وفقراؤهم للمسألة وقُراؤهم للرياء والسمعة".

الثالثة: خرجت أم أيمن بنت عليٍّ امرأة الشيخ أبي علي الروذباري من مصر وقت خروج الحاج إلى الصحراء، والجمال تمر بها، وهى تبكي وتقول: واضعفاه وتنشد على إثر قولها:

فقلت دعوني واتباعى ركابكم … أكن طوع أيديكم كما يفعل العبد

وما بال رغمى لا يهون عليهم … وقد علموا أن ليس لي منهم بُد

وتقول: هذه حسرة من انقطع عن البيت، فكيف تكون حسرة من انقطع عن رب البيت.

وللشريف الرضي :

خذي نفسي يا ريح من جانب الحمى … فلاقى به ليلًا نسيم رُبى (٢)

فإن بذاك الحي حيًّا عهدته … وبالرغم مني أن يطول به عهدي

ولولا تداوي القلب من ألم الهوى … بذكر تلاقينا قضيت من الوجد (٣)

شممت بنجد شيحه حاجريه … فأمطرتها دموعي وأرشتها خدي

ولي لمجلوب لي الشوق كلما … تنفس بالك أو تألم ذو وجد

تعرص رسل الشوق والركب فأجد … فيوقظهم من بين نوامهم وجدي

وما شرب العشاق إلا بقيتي … ولا وردوا في الحب إلا على وِرْدِي

الرابعة: حكي عن بعض السلف أنه قال: جاءني صاحب لي فقال: رافقني رجلًا ترضاه لمرافقتي فجئته برجل له صلاح ودين. فلما كان يوم الرحيل جعل


(١) في حديث "إنما الأعمال بالنيات" قال النووي: أجمع المسلمون على عظم موقع هذا الحديث وكثرة فوائده قال الشافعي وآخرون: هو ثلث الإسلام وقال الشافعي يدخل في سبعين بابا من الفقه، وقال آخرون هو ربع الإسلام، وقال جماهير العلماء: تقرير هذا الحديث أن الأعمال تحسب بنية ولا تحسب إذا كانت بلا نية، وفيه دليل على أن الطهارة وهى الوضوء والغسل والتيمم لا تصلح إلَّا بالنية، وكذلك الصلاة والزكاة والصوم والحج والاعتكاف وسائر العبادات. [النووي فى شرح مسلم (١٣/ ٤٧) طبعة دار الكتب العلمية].
(٢) الرابية: ما ارتفع من الأرض، جمعها روابٍ وربا الشيء ربوًّا: علا وارتفع.
(٣) وَجدَ فلان وجدًا: حزن.

<<  <  ج: ص:  >  >>