للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أهل مرو فيقولون له: الصُّحبة.

فيقول: هاتوا نفقاتكم فيأخذها، فتُجعل في صندوق ثم يكترى لهم من مرو إلى بغداد، ثم إلى المدينة المنورة وينفق عليهم ويُطعمهم أطيب الطعام والحلوى ويخرجهم بأحسن زيّ، فإذا وصلوا اشترى لهم ما أمرهم عزالهم من طُرَف المدينة، ثم من مكة كذلك، ولا يزال ينفق عليهم إلى أن يصيروا إلى مرو فإذا وصلوا كساهم، فإذا كان بعد ثلاث صنع لهم وليمة ودعاهم، فإذا فرغوا دعا بالصندوق، وأعطى كل واحد صرته بعد أن كتب عليها اسمه.

ويروى أنه عمل آخر سَفْرة سافرها دعوة، فقدم الناس إلى خمسة عشر خوانًا فالوذج (١).

السادسة: قال بعض السلف خرجت إلى مكة فمكثنا أيامًا لم نجد ما نأكُل فوقعنا إلى حي في البرية فإذا بأعرابية معها شاة، فقلنا لها: بكم هذه؟ فقالت: بخمسين درهمًا، فقلنا لها: أحسني، فقالت: بخمسة، فقلنا: تهزى. فقالت: لا واللَّه، ولكن سألتموني الإحسان، وبي جهد، ولو أمكننى لم آخذ شيئًا، فقلت: لأصحابي: ايش معكم؟ قالوا: ستمائة درهم.

فقلت: أعطوها واتركوا الشاة عليها فما سافرنا سَفْرَة أطيب منها.

السابعة: يروى أن هارون الرشيد حج في زينة عظيمة وموكب كثير، والناس يصرفون عن طريقه يمينًا وشمالًا، فمر في طريقه على بهلول وهو يعظ الناس، فتقدم الغلمان إليه وقالوا له: اسكت فقد أقبل أمير المؤمنين، فلما حاذاه الهودج قال: حدثني يا أمير المؤمنين أيمن بن نايل (٢) قال: حدثني قدامة بن عبد اللَّه (٣) قال:


=٣٧٨) والوافي بالوفيات (١٧/ ٤١٩).
(١) اجتمع جماعة مثل الفضل بن موسى ومخلد بن الحسين ومحمد بن النضر وقالوا: تعالوا حتى نعد خصال ابن المبارك من أبواب الخير، فقالوا: العلم والفقه والأدب والنحو واللغة والزهد، والشعر والفصاحة وقيام الليل والعبادة والحج والغزو والشجاعة والفروسية والقوة، وترك الكلام فيما لا يعنيه والإنصاف وقلة الخلاف على أصحابه. [انظر المرجع السابق].
(٢) أيمن بن نايل، أبو عمران، وقيل: أبو عمرو الحبشي، المكي، الكوفي، صدوق يهم، أخرج له: البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجه، توفي سنة (١٦٠)، ترجمته: تهذيب التهذيب (١/ ٣٩٣)، وتقريب التهذيب (١/ ٨٨)، والكاشف (١/ ١٤٤)، والجرح والتعديل (٢/ ٣١٩)، وميزان الاعتدال (١/ ٢٨٣)، ولسان الميزان (٧/ ١٨١)، والوافي بالوفيات (١٠/ ٣٠) وسير الأعلام (٦/ ٣٠٩)، وتفسير الطبرى (٥/ ٦٠١).
(٣) قدامة بن عبد اللَّه بن عمار بن معاوية، أبو عبد اللَّه الكلابي، العامري، صحابي قليل الحديث، أخرج له: الترمذي والنسائي وابن ماجه، ترجمته: تهذيب التهذيب (٨/ ٣٦٤)، تقريب التهذيب =

<<  <  ج: ص:  >  >>