للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رسول اللَّه، ألا تستعملني كما استعملت فلانًا؟ قال: "إنكم ستلقون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض"". (١)

وهو مسهل للصبر على الأثرة، وصارف للمشقة، كما قيل:

كلما فات في الليالي المواضي … فهو في ذمة الليل البواقي

التاسع بعد العشرين: حديث ابن أبي أوفى مرفوعًا: "يا أيها الناس: لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا اللَّه العافية" (٢) الحديث، متفق عليهن - أعني الثلاثة.

فتمني ذلك قد يحمل على تمني البلايا والنوازل، فالصبر أجمل طريق؛ إذ به يحصل الجزاء على التحقيق.

ونذكر من الحكايات الائقة بذلك ما حضر:

فالحكاية الأولى: ما حكي عن بعضهم أنه رأى مبتلى يقول: الحمد للَّه الذي أنعمت عليَّ وفضلتني على كثير من خلقك تفضيلًا (٣)، فقيل: على أي نعمة تحمده؟ أم على أي فضل تشكره؟ فواللَّه ما أرى شيئًا من البلاء إلا هو بك!! فقال: ألا ترى ما قد صنع اللَّه بي، فواللَّه لو أرسل السماء على نار فأحرقتني، وأمر الجبال فدكتني، والبحار فأغرقتني، ما ازددت له إلا حمدًا وشكرًا؛ فإن لي إليك حاجة، كانت لي بنت تخدمني وتتعاهدني عند إفطاري، فانظر هل هي موجودة فتطلبها بين تلك الرمال، فإذا السبع قد أكلها، فأخبرته بذلك، فقال: الحمد للَّه الذي لم يخرجني من الدنيا وفي قلبي منها شيء، ثم شهق شهقة ومات، فجهزته ودفنته، فرأيته في المنام


(١) أخرجه البخاري في صحيحه [٣٧٩٢] كتاب مناقب الأنصار، [٨] باب قول النبي للأنصار: "اصبروا حتى تلقوني على الحوض"، وعن ابن مسعود أخرجه مسلم في صحيحه [١٣٩ - (١٠٦١)] كتاب الزكاة، [٤٦] باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام، وتصبر من قوي إيمانه، والنسائي [٨/ ٢٢٥] المجتبى، وأحمد في مسنده [٣/ ١١١، ١٦٧]، والبيهقي في السنن الكبرى [٦/ ٣٣٩]، وابن حبان في صجحه [٢٢٩٨ - الموارد]، وابن أبي شيبة [١١/ ٤٤٢، ١٤/ ٥٣٣].
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه [٣٠٢٥] كتاب الجهاد والسير، [١٥٦] باب لا تمنوا لقاء العدو، ومسلم في صحيحه [٢٠ - (١٧٤٢)] كتاب الجهاد والسير، [٦] باب كراهة تمني لقاء العدو والأمر بالصبر عند اللقاء، وأبو داود [٢٦١٣]، والحاكم في المستدرك [٢/ ٧٨]، والبيهقي في السنن الكبرى [٩/ ١٥٢]، والتبريزي في مشكاة المصابيح [٣٩٣٠]، وعبد الرزاق في مصنفه [٩٥١٤]، وأبو نعيم في حلية الأولياء [٨/ ٢٦٠].
(٣) روى الترمذي في سننه [٣٤٣١] كتاب الدعوات، باب ما يقول إذا رأى مبتلى، عن عمر أن رسول اللَّه قال: "من رأى صاحب بلاء فقال: الحمد للَّه الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلًا إلا عوفي من ذلك البلاء كائنًا ما كان ما عاش".

<<  <  ج: ص:  >  >>