للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا شيء أسوأ من هذا الحال.

وروينا فيهما من حديث معاذ قال: بعثني رسول اللَّه إلى اليمن فقال: "إنك ستأتي قومًا من أهل الكتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا اللَّه" الحديث، وفي آخره: "واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين اللَّه حجاب" (١).

وأي عناية كهذا، فلا يسرف في الأسف إنه كان منصورًا.

وروينا فيهما من حديث أبي حميد عبد الرحمن الساعدي قال: استعمل رسول اللَّه رجلًا من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقة، فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أهدى إلي (٢).

فقام رسول اللَّه على المنبر فحمد اللَّه وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني اللَّه، فيأتي ويقول: "هذا لكم وهذا هدية أهديت لي، أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته إن كان صادقا واللَّه لا يأخذ منكم شيئًا بغير حقه إلا لقى اللَّه يحمله يوم القيامة، فلا عرفت أحدًا منكم لقي اللَّه يحمل بعيرًا له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تبعر.

ثم رفع يديه حتى رؤي بياض إبطيه فقال: اللهم قد بلغت" (٣).


(١) أخرجه: البخاري في صحيحه (٤٣٤٧) كتاب المغازي، ٦٢ - باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع. ومسلم في صحيحه [٢٩ - (١٩)] كتاب الإيمان ٧ - باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام. والبيهقي في السنن الكبرى (٤/ ٩٦، ٧/ ٧)، وابن خزيمة في صحيحه (٣٢٧٥)، وإبن حجر في تلخيص الحبير (٢/ ١٥٢، ١٥٤)، والسيوطي في الدر المنثور (١/ ١٩٤).
(٢) في هذا الحديث بيان أن هدايا العمل حرام وغلول لأنه خان في ولايته وأمانته ولهذا ذكر في الحديث في عقوبته وحمله ما أهدى إليه يوم القيامة كما ذكر مثله في الغال وقد بين النبي في نفس الحديث السبب في تحريم الهدية عليه وإنها بسبب الولاية بخلاف الهدية لغير العامل فإنها مستحبة. [النووي في شرح مسلم (١٢/ ١٨٤) طبعة دار الكتب العلمية].
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٧١٧٤) باب هدايا العمال، (٧١٩٧) كتاب الأحكام، ٤١ - باب محاسبة الإمام عماله، ومسلم في صحيحه [٢٧ - (١٨٣٢)] كتاب الإمارة، ٧ - باب تحريم هدايا العمال.
قال النووي: قوله: "ثم رفع يديه حتى رأينا عُفرتي إبطيه" هي بضم العين المهملة وفتحها والفاء ساكنة فيهما وممن ذكر اللغتين في العين القاضي هنا وفي المشارق وصاحب المطالع والأشهر الصم قال الأصمعي وآخرون: عفرة الإبط هي البياض بالناصح بل فيه شيء كلون الأرض. قالوا: مأخوذ من عفر الأرض بفتح العين والفاء وهو وجهها. [النووي في شرح مسلم (١٢/ ١٨٤) طبعة دار الكتب العلمية].

<<  <  ج: ص:  >  >>