يجاء بصاحب الدنيا يوم القيامة الذي أطاع اللَّه فيها وهو بين يدي ماله، وماله خلفه، كلما تكفى به الصراط قال له ماله: امض فقد أديت الحق الذي عليك.
قال: ويجاء بالذي لم يطع اللَّه ﷿ وماله بين كتفيه فيعيره ماله ويقول له: ويلك هلا عملت بطاعة اللَّه في، فلا يزال كذلك حتى يدعو بالويل والثبور".
ويا أخي حُدِثْتُ إنك اشتريت خادمًا، وإني سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: "لا يزال العبد من اللَّه زهو منه ما لم يخدم، فإذا خدم وجب عليه الحساب" (١).
ويا أخي لا تغترن بصحبة رسول اللَّه ﷺ فإنا عشنا بعده دهرًا طويلًا، واللَّه أعلم بالذي أصابنا بعده.
العاشرة: عن بعض الشيوخ قال: دخلت أنا وعشرة نفر في جبل لكام، فسرنا فيه أيامًا، فانحدرنا إلى واد، فإذا فيه بحيرة ماء عذب، وإذا على شاطئ البحيرة مسجد مبني من حجر أبيض، وإذا بعين ماء تحت المسجد تجري إلى البحيرة، فجلسنا فيه، فلما كان وقت الظهر جاء رجل أذن وأقام، ثم دخل المسجد، فسلم علينا وصلى ركعتين، ثم أقام الصلاة فدخل شيخ ومعه ثلاثون رجلًا، فتقدم إلى المحراب وصلى بنا، ثم انصرفوا، ولم يكلمونا، ولم نكلمهم، فلما كان بعد ساعة جاء رجل منهم معه شيء فوضعه في زاوية المسجد، ثم قال لنا: هلموا رحمكم اللَّه.
فقمنا إليه فإذا نحن بمنديل أبيض لم نر مثله تحت مكبة من زمرد أخضر.
فكشفناها فإذا مائدة من ياقوت أحمر عليه طعام يشبه الثريد، فأكلنا منه.
فكنا نأكل ولا ينقص منه شيء.
فلما كان وقت السحر جاء ذلك الرجل فحمل المائدة ثم أذن وأقام الصلاة فتقدم الشيخ فصلى بنا وجلس في محرابه وختم القرآن وحمد اللَّه وأثنى عليه، ودعا بدعاء حسن.
ثم قال: إن اللَّه تعالى افترض على خلقه فريضتين في آية واحدة، والخلق عنها غافلون.
فقلت: ما هي يرحمك اللَّه؟
فقال لي: تقدم جبرك اللَّه، فقدمني على الجماعة وقال لي: يا بني جبرك اللَّه قال الجليل ﷻ ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا﴾ [فاطر: ٦] ونتحصن منه قال: اعلم رحمك اللَّه إن اللَّه ﷻ جعل لكل مؤمن سبعة حصون.
(١) أخرجه عبد الرازق في مصنفه (٢٠٠٢٩)، وأبو نعيم في حلية الأولياء (١/ ٢١٥).