كتاب حدائق الأولياء

مجلس في التواضع وخفض الجناح للمؤمنين - ج: 2 - ص: 199

وروينا فيه أيضًا عنه مرفوعًا: "لو دعيت إلى كراع لأجبت ولو أهدي إلى ذراع أو كراع لقبلت" (١).

وروينا فيه أيضًا عن أنس قال: كانت ناقة رسول اللَّه ﷺ العضباء لا تُسبق، ولا تكاد تسبق، فجاء أعرابي على قعود له فسبقها.

فشق ذلك على المسلمين حتى عرف.

فقال: "حق على اللَّه إن لا يرفع شيء من الدنيا إلا وضعه" (٢).

وروينا عن حماد بن زيد قال: قال لي أيوب السخستاني: إن قومًا يريدون أن يرفعوا فيأبي اللَّه إلا أن يضعهم، وآخرين يريدون أن يتواضعوا ويأبى اللَّه إلا أن يرفعهم.

وقال خلف: جاءني أحمد بن حنبل يسمع الحديث فاجتهدت أن أرفعه، فأبى وقال: لا أجلس إلا بين يديك فقد أمرنا بالتواضع لمن نتعلم منه.

وقال علي بن أبي طالب فيما رواه الشعبي (٣) عنه: يا أيها الناس عُدُّوا عني هذه الكلمات، فلو ركبتم المطايا حتى تضنوها ما أصبتم منها: لا يرجَونَّ عبدًا إلا ربه، ولا يخافَنَّ إلا ذنبه، ولا يستحي إذا لم يتعلم أن يتعلم، ولا يستحي إذا سئل عما لا يعلم أن يقول لا أعلم.

واعلموا أن الصبر مع الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ولا خير في جسد لا رأس له.

---

= ماجه (٢١٤٩)، والبيهقي في السنن الكبرى (٦/ ١١٨).
(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٢٥٦٨) كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، ٢ - باب القليل من الهبة، ورقم (٥١٧٨) كتاب النكاح، ٧٤ - باب أجاب إلى كراع، وابن حبان في صحيحه (١٠٦٤)، والبيهقي في السنن الكبرى (٦/ ١٦٩)، وأحمد في مسنده (٢/ ٤٧٩، ٢/ ٤٢٤)، والهيثمي في مجمع الزوائد (٤/ ٥٣) والتبريزي في مشكاة المصابيح (١٨٢٧)، والزبيدي في الإتحاف (٥/ ٢٤١).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه (٦٥٠١) كتاب الرقاق، ٣٨ - باب التواضع، وأبو داود في سننه (٤٨٠٢) كتاب الأدب باب في كراهية الرقعة في الأمور، والنسائي (٦/ ٢٨٨ - المجتبى)، وابن أبي شيبة في مصنفه (١٢/ ٥٨) والهيثمي في مجمع الزوائد (١٠/ ٢٥٥) والقرطبي في تفسيره (٩/ ١٤٦)، والدارقطني في سننه (٤/ ٣٠٣).
(٣) عامر بن شراحيل بن عبد، أبو عمرو الشعبي الحميري، الكوفي، الهمداني، ثقة، مشهور، فقيه فاضل، أخرج له أصحاب الكتب الستة، توفي سنة ١٠٩، ١٠٥، ١٠٤).
ترجمته: تهذيب التهذيب (٥/ ٦٥)، وتقريب التهذيب (١/ ٣٨٧)، تاريخ البخاري الكبير (٦/ ٤٥٠) سير الأعلام (٤/ ٢٩٤)، والثقات (٥/ ١٨٥)، والوافي بالوفيات (١٦/ ٥٨٧)، والجرح والتعديل (٦/ ١٨٠٢)، والتاريخ الصغير للبخاري (١/ ٢٤٣، ٢٥٣).