للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (١): ما دخل قلب رجل شيء من الكبر إلا نقص من عقله قدر ما دخله من ذلك، قل أو كثر.

وعنه: أن والده كان يحب أن لا يعينه على طهوره أحد، كان يستقي الماء لطهوره، ويحضره قبل أن ينام فإذا أقام من الليل بدأ بالسواك، ثم يتوضأ ويأخذ في صلاته، وكان يقول: عجبت للمتكبر الفجور الذي كان أمس نطفة ثم يكون غدًا جيفة وعجبت كل العجب من يرد دار البقاء، ويعمل لدار الفناء.

وقال الشبلي: إذا أردت أن تنظر إلى ما أنت، فانظر إلى ما يخرج منك في دخولك الخلاء، فمن كان هذا حاله فلا يجوز له أن يتطاول أو يتكبر على من هو مثله.

وللحسن البصري عجبت من معجب بصورته، وكان بالأمس نطفة مذرة، وهو على تيهه ورونقه ما بين جنبيه يحمل العذرة.

وروي أن إبراهيم بن أدهم (٢) كان يعمل في الحصاد ويحفظ السلتين. فجاءه يومًا جندي وطلب منه أن يعطيه شيئًا من الفاكهة فأبى.

فقلب الجندي سوطه وضرب رأسه، فطاطأ إبراهيم رأسه وقال: اضرب رأسًا طال ما عصى اللَّه، فلما عرفه الجندي اعتذر إليه فقال له إبراهيم: الرأس الذي يحتاج إلى الاعتذار تركته ببلخ.

وقال همام: قال لي عروة: كلمة احتملتها أورثتني عزًا طويلًا.

وقال إبراهيم بن أدهم: رأيت جبريل في المنام وفي يده قرطاس، فقلت له ما تصغ بهذا؟ قال: اكتب فيه أسماء المحبين.

فقلت: أكتب محبهم محب المحبين إبراهيم بن أدهم.

فنودي يا جبريل قال: اكتبه هو أولهم.

وروي أن الشيخ محمد بن الكيس كان يجتمع بالخضر (٣) في أكثر الأوقات،


(١) تقدمت ترجمته من قبل.
(٢) قال القشيري: إبراهيم بن أدهم بن منصور بن يزيد بن جابر أبو إسحاق العجلي، وقيل: التميمي البلخي الزاهد، أحد الأعلام، كان من أبناء الملوك، فخرج يتصيد وأثار ثعليًا أو أرنبًا وهو في طلبه، فهتف به هاتف، ألهذا خلقت أم لهذا أمرت فنزل عن دابته وصادف راعيًا لأبيه، وأخذ جبته الصوف فلبسها وأعطاه فرسه وما معه، ثم إنه دخل البادية إلى أن قال: ومات بالشام وكان يأكل من عمل يده، من الحصاد، وحفظ البساتين، ورأى في البادية رجلًا علمه اسم اللَّه الأعظم، فدعا به بعده فرأى الخضر وقال: إنما علمك أخي داود الاسم الاعظم. [تاريخ الإسلام وفيات (١٦١ - ١٧٠)].
(٣) جمهور العلماء على أنه حي موجود بين أظهرنا، وذلك متفق عليه عند الصوفية وأهل الصلاح =

<<  <  ج: ص:  >  >>