للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان له صاحب موسر كثير المعروف فقال له: يا أخي مالي منك نصيب؟ قال: فبماذا؟ قال: تجمع بيني وبين الخضر وتسأله أن يظهر لي حتى أراه. قال: أنا أقول له.

فقال للخضر: صاحبي فلان قصد رؤيتك. فقال: صاحبك لما يريد أن يراني؟

قال: سبحان اللَّه هكذا قال لي.

فقال له الخضر قل له أنا يوم الجمعة أقصد في زويته.

فلما كان يوم الجمعة بادر الرجل فتطهر وجلس على سجادته يذكر اللَّه.

فدق الباب رجل، فقيل إنما عليه أطمار رثة ويريد الاجتماع بك.

فقال هذا مسكين، لا شك إنه يريد من القمح الذي سمع عنه، قولي له يرجع بعد الصلاة، وإذا هو الخضر.

فلما كان بعد الصلاة قال لابن الكيس: انتظرته فلم أره.

فقال: يا قليل التوفيق هو الذي جاءك ورددته تريد أن تجتمع بالخضر وعلى بابك الحجاب؟

فاعتق جواريه، وصار يخرج بنفسه إلى الباب إذا دق.

وحكي أن سليمان بن داود مر في موكبه والطير تظله والدواب وسائر الحيوانات يمينه ويساره (١) فمَر بعابد من عُبَّاد بني إسرائيل.

فقال: واللَّه يا ابن داود لقد أتاك اللَّه ملكًا عظيمًا فسمع ذلك سليمان فقال: لتسبيحه في صحيفة مؤمن خير مما أُعطى ابن داود.

فما أعطى ابن داود يذهب والتسبيحة تبقى.

ولبعضهم:

إذا لم تكن مَلِكًا مطاعًا … فكن عبدًا لمالكه مطيعًا


= والمعرفة وحكاياتهم في رؤيته والاجتماع به والأخذ عنه وسؤاله وجواب ووجوده في المواضع الشريفة ومواطن الخير أكثر من أن يحصر وأشهر من أن يستر، وقال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح: هو حي عند جماهير العلماء والصالحين والعامة معهم في ذلك. [النووي في شرح مسلم (١٥/ ١١١) طبعة دار الكتب العلمية].
(١) وذلك في قوله تعالى: ﴿وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (١٧)﴾ [النمل: ١٧]، وقال ابن كثير: أي وجمع لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير يعني ركب فيهم في أبهة وعظمة كبيرة في الإنس، وكانوا هم الذين يلونه والجن وهم بعدهم في المنزلة والطير ومنزلتها فوق رأسه، فإن كان حرًا أظلته منه بأجنحتها، وقوله: ﴿فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾ [النمل: ٨٣] أي يكف أولهم على آخرهم لئلا يقدم أحد عن منزلته التي هي مرتبة له. [تفسير ابن كثير (٣/ ٣٧٠)].

<<  <  ج: ص:  >  >>