للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن لم تملك الدنيا جميعًا … كما تختار فاتركها جميعًا

هما سببان من ملك ونسك … ينيلان الفتى شرفًا رفيعًا

ومن يقنع من الدنيا بشيء … سوى هذين يجئ به وضيعًا

وروينا عن الشيخ أبي يزيد البسطامي قال: رأيت رب العزة في المنام فقلت: كيف الطريق إليك؟

فقال: اترك نفسك وتعال.

وروي مرفوعًا: (١) إن اللَّه يحب من خلقه الأصفياء الأخفياء الأبرياء الشَعِثةُ رؤوسهم المغبرة وجوههم، الخمصة بطونهم، الذين إذا استأذنوا على الأمراء لم يؤذن لهم، وإذا خطوا المُنَعَّمات لم ينكحوا، وإن غابوا لم يفتقدوا، وإن طلعوا لم يفرح بطلعتهم، وإن مرضوا لم يعادوا، وإن ماتوا لم يُشْهَدُوا.

قالوا: يا رسول اللَّه كيف لنا برجل منهم؟

قال: ذاك أويس القرني (٢) أشهل ذو صهوبة بعيد ما بين المنكبين، (ممتد) (٣) القامة، آدم شديد الأدمة، ضارب بذقنه إلى صدره رام بصره إلى موضع سجوده، واضع يمينه على شماله لا يؤبه له، متزر بإزار من صوف، ورداء صوف مجهول في أهل الأرض معروف في أهل السماء، لو أقسم على اللَّه لأبرَّ قسمه، وإن تحت منكبه لمعة بيضاء.

ألا وإنه إذا كان يوم القيامة قيل للعباد: ادخلوا الجنة وقيل لأويس: قم فاشفع فيشفعه اللَّه في مثل ربيعة ومضر.

يا عمر ويا علي إذا أنتما لقيتماه، فاطلبا إليه أن يستغفر لكما، يغفر اللَّه لكما.

قال: فكانا يطلبانه عشر سنين لا يقدران عليه.


(١) أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء (٢/ ٨١)، وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق (٣/ ١٦٦).
(٢) رواه مسلم في صحيحه [٢٢٣ - (٢٥٤٢)] كتاب فضائل الصحابة، ٥٥ - باب من فضائل أويس القرني وفيه: فقال عمر: إن رسول اللَّه قد قال: "إن رجلًا يأتيكم من اليمن يقال له أويس لا يدع باليمن غير أم له، قد كان به بياض، فدعا اللَّه فأذهبه عنه، إلا موضع الدينار أو الدرهم، فمن لقيه منكم فليستغفر لكم".
في قوله : "فمن لقيه منكم فليستغفر لكم" وفي الرواية الأخرى قال لعمر: "فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل" هذه منقبة ظاهرة لأويىس القرني ، فيه استحباب طلب الدعاء والاستغفار من أهل الصلاح وإن كان الطالب أفضل منهم. [شرح مسلم للنووي (١٦/ ٧٧) طبعة دار الكتب العلمية].
(٣) في الأصل "مفسد".

<<  <  ج: ص:  >  >>