للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما كان في آخر السنة التي مات فيها عمر، قام على أبي قبيس فنادى بأعلى صوته، يا أهل البيداء أفيكم أويس؟

فقال شيخ كبير طويل اللحية فقال: إنا لا ندرى من أويس ولكن ابن أخ لي يقال له أويس، وهو أخمل ذكرًا وأقل مالا وأهون أمرًا من إن نرفعه إليك، وإنه ليرعي إبلًا حقير بين أظهرنا، فعمي عليه عمر كأنه لا يرقيه.

وقال: ابن أخيك هذا تحرمناه هو.

قال: نعم، قال: وأين يصاب؟

قال: بأراك عرفات، فإذا هو قائم يصلي إلى شجرة والإبل حوله ترعى، فشدا حماريهما، ثم أقبلا عليه فقالا: السلام عليك ورحمة اللَّه.

فخفف أويس من الصلاة، ثم رد عليهما السلام.

فقالا: من الرجل؟

قال: راعي إبل، وأجير قوم.

قلنا: لسنا نسألك عن الرعاية، ولا عن الإجارة.

ما اسمك؟ قال: عبد اللَّه.

قالا: قد علمنا أن أهل السموات والأرض كلهم عبيد اللَّه، فما اسمك الذي سمتك به أمك؟

قال: يا هذان أينما تريدان إليَّ؟

قالا: وصف لنا محمد أويسًا القرني وقد عرفنا الصهوبة والشهولة.

وأخبرنا محمد أن تحت منكبه الأيمن لمعة بيضاء، فأوضحها لنا، فإن كانت بك، فأنت هو، فأوضح لهما منكبه، فإذا اللمعة.

فابتدرا يقبلانه وقالا نشهد أنك أويس القرني فاستغفر لنا يغفر اللَّه لك.

قال أويس: ما أخص باستغفاري نفسي، ولا أحدًا من ولد آدم، ولكنه في البر والبحر في المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات.

يا هذان قد شهر اللَّه لكما حاشيها، وعرَّفكما أمري فمن أنتما؟

قال علي: أما هذا فعمر أمير المؤمنين، وأما أنا فعلي بن أبي طالب، فاستوى أويس قائمًا قال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة اللَّه وبركاته.

وأنت يا ابن أبي طالب.

فجزاكما اللَّه عن هذه الأمة خيرًا.

قالا: وأنت جزاك اللَّه عن نفسك خيرًا. فقال عمر: مكانك رحمك اللَّه حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>