للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والبلوى، فامتثلوا فيه أمر البلوى.

فقرب من جهنم، فخرج إليه لسان، أو قال ثعبان فلدع بعض وجهه فاسود ذلك الموضع.

ونودي يا ذكوان هذه النفخة بتلك النظرة، ولو زدت لزدنا.

فبينما هم كذلك وإذا برجل قد أطلع رأسه من قبر فقال: يا هولاء ما أردتم، فواللَّه لقد مت منذ تسعين سنة، فما ذهبت حرارة الموت مني حتى الآن، فادعوا اللَّه أن يعيدني كما كنت، وبين عينيه أثر السجود.

وأنشدوا:

فلست أدرى أن يومك قد دنا … أو لست تدرى إن عمرك ينفد

فعلام تضحك والمنية (١) قد دنت … وعلام ترقد والثرى لك مرقد

الثانية: قال وهب (٢).

أوحى اللَّه تعالى إلى داود : يا داود هل تدرى من أغفر له ذنوبه من عبيدي؟ قال: من يا رب؟ قال: الذي إذا ذكر ذنوبه، ارتعدت منها فرائصه.

فذلك العبد الذي آمر ملائكتي أن تمحو عنه ذنوبه.

فقال: إلهي أين أجدك إذا طلبتك؟

قال: عند المنكسرة قلوبهم من مخافتي.

الثالثة: عن بشر الحافي (٣) قال: كنت يومًا مارًا في جبال الشام، فأتيت على جبل يقال له الأفزع، فإذا بشاب قد نحل جسمه، ورق جلده، وعليه ثوب من صوف، فسلمت عليه، فرد علي السلام.

فقلت في نفسي: أقول له عظني وأبلغ.

فقال لي: قبل أن أكلمه، وأجاب عن سري: عظ نفسك بنفسك، وفك الحبس من حبسك، ولا تشتغل بموعظة غيرك من جنسك، واذكر اللَّه في اللهوات تقل


(١) المنية: الموت، جمعها: المنايا.
(٢) وهب بن منبه بن كامل بن صيح بن ذي كناز، أبو عبد اللَّه اليماني الصنعاني، الزماري الأبتاوي، ثقة أخرج له البخاري وأصحاب السنن الأربعة، توفي سنة (١١٤). [التقريب (٢/ ٣٣٩)].
(٣) بشر الحافي بن الحارث بن عد الرحمن بن عطاء، أبو نصر المروزي، ثم البغدادي الزاهد الكبير المعروف ببشر الحافي، كان عديم النظير زاهدًا وورعًا وصلاحًا، كثير الحديث إلا أنه كان يكره الرواية، ويخاف من شهوة النفس في ذلك حتى إنه دفن كتبه، توفي سنة (٢٢٧) قبل المعتصم بستة أيام وله (٧٥ سنة) [تاريخ الإسلام وفيات (٢٢١ - ٢٣٠)].

<<  <  ج: ص:  >  >>