للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السابعة: عن الفضل بن الربيع قال: حج الرشيد فأتاني، فخرجت إليه مسرعًا.

فقلت: يا أمير المؤمنين لو أرسلت إليّ أتيتك فقال: ويحك قد حاك في صدري شيء، فانظر لي رجلًا أسأله فقلت: ها هنا سفيان بن عيينة (١) فقال: امض بنا إليه فقرعت الباب، فقال: من ذا؟ فقلت: أجب أمير المؤمنين، فخرج مسرعًا فقال: يا أمير المؤمنين لو أرسلت إليّ أتيتك فقال له: خذ لما جئنا إليه يرحمك اللَّه فحادثه ساعة ثم قال: هل عليك دَينَ؟

قال: نعم، قال هارون: يا أبا العباس، اقض دينه.

فلما خرجنا قال: ما أغنى صاحبك شيئًا، انظر لي رجلًا أسأله فقال: ههنا الفضيل بن عياض (٢) قال: امض بنا إليه، فأتيناه، فإذا هو قائم يصلي يتلو آية من كتاب اللَّه ويرددها فقال: اقرع الباب فقرعته فقال: من ذا؟ قلت: أجب أمير المؤمنين فقال: ما لي وله، فقلت: سبحان اللَّه، لنا عليك طاعة أليس روى عن رسول اللَّه أنه قال "ليس للمؤمن أن يذل نفسه" (٣) فنزل، ففتح الباب، ثم ارتقى إلى الغرفة، فأطفأ المصباح ثم التجأ إلى زاوية من زوايا البيت فدخلنا فجعلنا نجول عليه بأيدينا، فسبقت كف هارون إليه فقال: لا لها من كف ما ألينها إن نجت غدًا من عذاب اللَّه فقلت في نفسي لنكلمنَّه الليلة بكلام من قلب تقي فقال له: خذ لما جئنا يرحمك اللَّه قال: إن عمر بن عبد العزيز لما ولِيَ الخلافة دعا سالم بن عبد اللَّه (٤)، ومحمد بن كعب (٥)، ورجاء بن حيوة وقال: إني ابتليت بهذا البلاء، وأشيروا عليّ.


(١) سفيان بن عيينة، أبو محمد الهلالي الكوفي المكي، ثقة حافظ فقيه، إمام حجة إلّا أنه تغير بآخره وكان ربما دلس لكن عن الثقات، وكان أثبت الناس في عمرو بن دينار توفي سنة (١٩٨). [التقريب (١/ ٣١٢)].
(٢) الفضيل بن عياض بن مسعود بن بشر، أبو علي التميمي، اليربوعي في التقريب، التيمي، الخراساني، ثقة، عابد، إمام، أخرج له: البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، توفي سنة (١٧٨) أو قبلها [التقريب (٢/ ١١٣)].
(٣) أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء (٨/ ١٠٦) والهيثمي في مجمع الزوائد (٧/ ٢٧٢)، وابن حجر في المطالب العالية (٥٤٦)، (٥٤٧)، والزبيدي في إتحاف السادة المتقين (١/ ٢٩٦).
(٤) سالم بن عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب، أبو عمرو أبو عبد اللَّه، أبو عبيد اللَّه، أبو المنذر، العدوي، المدني، الفقيه، القرشي، أحد الفقهاء السبعة، ثقة، ثبت، عابد، فاضل، كان يُشبَّه بأبيه في الهدى والسمت، توفي سنة (١٠٦، ١٠٧، ١٠٨)، وأخرج له أصحاب الكتب الستة. [التقريب (١/ ٢٨٠)].
(٥) محمد بن كعب بن سليم بن أسد، أبو حمزة أبو عبد اللَّه، القرظي، المدني، الكوفي، القاص، ثقة، عالم، قال البخاري: إن أباه كان ممن لم ينبت من بني قريظة، ولد سنة (٤٠) على الصحيح =

<<  <  ج: ص:  >  >>