للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحديث التاسع: حديثه أيضًا مرفوعًا: "جعل اللَّه الرحمة مائة جزء، فأمسك عنده تسعة وتسعين، وأنزل في الأرض جزءًا واحدًا، فمن ذلك الجزء يتراحم الخلائق، حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه" (١).

وفي لفظ (٢): "إن للَّه تعالى مائة رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين الجنّ والإنس والبهائم والهوام فبها يتعاطفون، وبها يتراحمون وبها تعطف الوحش على ولدها وأخر اللَّه تسعًا وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة". أخرجاه.

ولمسلم (٣) من حديث سلمان مرفوعًا: "إن للَّه تعالى مائة رحمة فمنها رحمة يتراحم بها الخلق بينهم، وتسعة وتسعون ليوم القيامة".

ولمسلم: عنه أيضًا: "إن اللَّه خلق، يوم خلق السماوات والأرض مائة رحمة، كل رحمة طباق ما بين السماء والأرض، فجعل منها في الأرض رحمة، فبها تعطف الوالدة على ولدها، والوحش والطير بعضها على بعض، فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة" (٤).

وفي هذه الأحاديث الثلاثة أسباب لرجاء الرحمة.

ففي أولها: قوتها واستدامتها.

وفي الثاني: سبقها وغلبتها للغضب (٥).


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٦٠٠٠) كتاب الأدب، ١٩ - باب جعل اللَّه الرحمة مائة جزء، ومسلم في صحيحه [١٧ - (٢٧٥٢)] كتاب التوبة، ٤ - باب في سعة رحمة اللَّه تعالى وأنها سبقت غضبه.
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه [١٩ - (٢٧٥٢)] كتاب التوبة، ٤ - باب في سعة رحمة اللَّه تعالى وأنها سبقت غضبه.
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه [٢١ - (٢٧٥٣)] كتاب التوبة، ٤ - باب في سمة رحمة اللَّه تعالى وأنها سبقت غضبه.
قال النووي: هذه الأحاديث من أحاديث الرجاء والبشارة للمسلمين، قال العلماء: لأنه إذا حصل للإنسان من رحمة واحدة في هذه الدار المبنية على الأكدار الإسلام والقرآن والصلاة والرحمة في قلبه وغير ذلك مما أنعم اللَّه تعالى به فكيف الظن بمائة في الدار الآخرة وهي دار القرار ودار الجزاء واللَّه أعلم [النووي في شرح مسلم (١٧/ ٥٧) طبعة دار الكتب العلمية].
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه [٢١ - (٢٧٥٣)] كتاب التوبة، ٤ - باب في سعة رحمة اللَّه تعالى وأنها سبقت غضبه، والحاكم في المستدرك (١/ ٥٦، ٤/ ٢٤٧)، والطبراني في المعجم الكبير (٦/ ٣١٣)، وابن أبي شية في مصنفه (١٣/ ١٨٢)، والزبيدي في الإتحاف (١٠/ ٥٥٧)، والسيوطي في الدر المثور (٣/ ٦).
(٥) قوله تعالى: "إن رحمتي غلبت غضبي"، وفي رواية "سبقت رحمتي غضبي".
قال العلماء: غضب اللَّه تعالى ورضاه يرجعان إلى معنى الإرادة فإرادته الإثابة للمطيع ومنفعة =

<<  <  ج: ص:  >  >>