للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعفوك يا كريم قال: فتصارخ الناس من كل ناحية.

الخامسة: روى أن سليمان بن عبد الملك (١) قال لأبي حازم. رحمه اللَّه تعالى: يا أبا حازم ما لنا نكره الموت؟

قال: لأنكم عمرتم الدنيا وخرَّبتم الآخرة، وإنكم تكرهون النقلة من العمران إلى الخراب. قال: صدقت يا أبا حازم، ليت شعري ما لنا عند اللَّه غدًا؟

قال: أعرض عملك على كتاب اللَّه تعالى.

قال: وأين أجده من كتاب اللَّه تعالى؟ فقل: في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (١٤)﴾. (٢)

قال سليمان: وأين رحمة اللَّه؟ قال ﴿قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ (٣) قال سليمان: ليت شعري كيف العرض على اللَّه تعالى؟

قال أبو حازم: أما المحسن فكالغائب يقدم على أهله فرحًا مسرورًا، وأما المسيء فكالآبق يقدم على مولاه خائفًا محسورًا.

وأنشدوا:

عرضنا على المولى ونحن عبيده … فمنا شقي رده وسعيد

فمن كان منا ليس يصلح خادمًا … فعن بابه بالطرد ذاك بعيد

ومن كان يصلح فهو في قدس حضره … قريب ومغبوط هناك حميد

حبيب له جاه عظيم ورفعة … ومجد على من الجديد جديد

أولئك خُدَّام كرام وسادة … ونحن عبيد السوء بئس عبيد

فيا غبننا يوم التغابن عندما … يقابلهم وعد ونحن وعيد

ترى الناس إلَّا وهم سكارى وما هم … بسكارى ولكن العذاب شديد

وهم ركبوا نجائب من النور في الهوى … تطير بهم إلى الرب الكريم وُفُود

فلا فزع يحزنهم بل يقربه … لهم فرح يحلو هناك وعيد

السادسة: عن بعض السلف قال: رأيت في بعض الجبال شابا أصفر اللون غائر


(١) سليمان بن عبد الملك بن مروان بن الحكم القرشي الأموي أمير المؤمنين أبو أيوب، وكان من خيار ملوك بني أمية ولي الخلافة سنة (٩٦) بعد الوليد، وعن ابن سيرين قال: يرحم اللَّه سليمان بن عبد الملك افتتح خلافته بإحيائه الصلاة لوقتها، واختتمها باستخلافه عمر بن عبد العزيز، وتوفي سليمان سنة (٩٩) [تاريخ الإسلام وفيات (٩١ - ١٠٠)].
(٢) سورة الانفطار (١٣، ١٤).
(٣) سورة الأعراف (٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>