للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم نزع ما على الصبي وقال ضعي هذا في الأكباد الجائعة والأجساد العارية وقطع قطعة من كسائه، فلف بها الصبي.

فقالت المرأة: لا أرى ولدى في هذه الحالة وانتزعته منه.

فحين رآها قد اشتغلت به نهض وقال: واللَّه ضيعتم ليلتي، بيني وبينكم اللَّه، وولى خارجًا وضجت الدار بالبكاء.

فقالت: إن عدت يا سرى سمعت له خبرًا فأعلمني.

فقلت: إن شاء اللَّه.

فلما كان بعد أيام أتتني عجوز فقالت: يا سري بالشونيزية غلام يسألك الحضور.

فمضيت فإذا به مطروح تحت رأسه لبنة.

فسلمت عليه ففتح عينيه وقال: يا سري أترى تلك الجنايات غفرت؟

فقلت: نعم.

قال: يغفر لمثلي (١)؟

قلت: نعم

قال: أنا غريق.

قلت: هو منجي الغرقاء.

فقال: على مظالم.

فقلت: في الخبر أنه يؤتى بالتائب يوم القيامة ومعه خصومه، فيقال لهم خلوا عنه فإن اللَّه تعالى يُعوضكم.

فقال: يا سري معي دراهم من لقط النوى، إذا أنا مت فاشتري ما أحتاج إليه وكفني، ولا تُعلم أهلي لئلا يكفنوني بحرام.

فجلست عنده قليلا، ففتح عينيه وقال: ﴿لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ (٦١)(٢).


(١) قال تعالى ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ﴾ [الشورى: ٢٥] الآية، وقال تعالى: ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ [الزمر: ٥٣] الآية.
(٢) سورة الصافات (٦١).
وأول الآيات ﴿قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (٥٦) وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (٥٧) أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (٥٨) إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٥٩) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٦٠) لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ (٦١)﴾.

<<  <  ج: ص:  >  >>